كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الشَّفَقُ، وصَلَّى العِشاءَ حيَنَ (¬1) ذَهَب ثُلثُ اللَّيلِ، وصَلَّى الفَجْرَ فأسْفرَ بها، ثم قال: «أينَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟» فقال الرجلُ: أنا يا رسولَ الله. فقال: «وَقْتُ صَلَاِتِكُمْ بَيْنَ ما رَأيتُمْ». رَواه مسلمٌ (¬2). ومَعْنَى زوالِ الشَّمس، مَيْلُها في وَسَطِ السَّماء، وإنَّما يُعرَفُ ذلك بطُولِ الظِّلِّ بعدَ تَناهِى قِصَره؛ لأنَّ الشَّمْسَ حين تَطلُعُ يكونُ الظِّلُّ طَويلًا، وكلَّما ارْتَفَعَتْ قَصُرَ، فإذا مالَتْ عن كَبِدِ السَّماءِ، شَرَع في الطولِ، فذلك زَوالُ الشَّمس، فمَن أرادَ معرِفَةَ ذلك فلْيُقَدِّرْ ظِلَّ شيءٍ، ثم يَصْبِرْ قَلِيلاً، ثم يُقدِّره ثانيًا، فإن نَقَص لم يَتَحَقَّقِ الزَّوالُ، وإن زاد فقد زالتْ، وكذلك إن لم يَنْقص؛ لأنَّ الظل لا يَقِفُ فيَكُونُ قد نَقص ثم زاد. وأمّا مَعْرِفَةُ قدْر ما تَزُولُ عليه الشَّمْسُ بالأقدامِ فيَخْتَلِفُ باخْتلافِ الشُّهُورِ والبلْدانِ، فكلما طال النَّهارُ، قَصر الظِّلُّ، وإذا قَصر طال الظِّل. وقد ذَكَر أبو العَبّاس السِّنجىُّ (¬3)، رحِمه اللهُ، ذلك تَقْرِيبًا، قال: إن الشَّمسَ تزُولُ في نِصْفِ حَزِيران على قدَمٍ وثلثٍ، وهو أقل ما تَزُولُ عليه الشَّمْسُ، وفي نِصْفِ تمُّوزَ وأيارَ على قدم ونِصْفٍ وثُلُثٍ، ونصف آبَ ونَيْسانَ على ثلاثة أقدام، وفي نصفِ آذارَ وأيلولَ على أربَعَةِ أقدام ونصفٍ، وفى
¬_________
(¬1) في صحيح مسلم: «بعد ما».
(¬2) في: باب أوقات الصلوات الخمس، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 428، 429.كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في مواقيت الصَّلاة، من أبواب الصَّلاة. عارضة الأحوذى 1/ 252. والنسائي، في: أول وقت المغرب، من كتاب المواقيت. المجتبى 1/ 207. وابن ماجه، في: أبواب مواقيت الصَّلاة، من كتاب الصَّلاة. سنن ابن ماجه 1/ 219. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 349.
(¬3) لعله أبو العباس بن محمد بن سراج السنجى الطحان، راوى كتاب أبي عيسى الترمذي عن أبى العباس المحبوبي، مات بعد الأربعمائة. الأنساب 7/ 166.

الصفحة 129