كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 4)

وَالْعَمَل الْمُسْتَكْثَرُ فِي الْعَادَةِ، مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الصَّلَاةِ، يُبْطِلُهَا عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ، وَلَا تَبْطُلُ بِالْيَسِيرِ، وَلَا يُشْرَعُ لَهُ سُجُودٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يرْجِعْ، ففي بُطْلانِها وَجْهان. وأطْلَقَهما «ابن تَميمٍ»، و «الفائق». والمنْصوصُ عنِ الإمامِ أحمدَ، أنَّ حُكْمَ قيامِه إلى ثالثةٍ ليْلًا، كقِيامِه إلى ثالثةٍ في صَلاةِ الفَجْرِ. وجزَم به في «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه ابنُ مُفْلِحٍ في «حَواشِيه». وهو المذهبُ. ويأْتِي ما يتَعَلَّقُ بذلك عندَ قوْلِه: وإنْ تَطَوَّعَ في النَّهارِ بأرْبَعٍ، فلا بَأْسَ. في البابِ الذى بعدَه.
قوله: والعَمَل المستَكثَرُ في العادَةِ، من غيرِ جِنْسِ الصَّلاةِ، يُبْطِلُها عَمْدُه وسَهْوُه. اعلمْ أنَّ الصَّلاةَ تَبْطُل بالعَمَل. الكثيرِ عَمْدًا، بلا نزاعٍ أعْلَمهُ، وتَبْطُلُ به أَيضًا سَهْوًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما جزَم به المُصَنِّف هنا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وحكَاه الشَّارِحُ وغيره إجْماعًا. وحكَى بعضُ الأصحابِ في سَهْوِه رِوايتيْن. واخْتارَ المَجْدُ في «شَرْحِه»، لا تَبْطُلُ بالعَمَلِ الكثيرِ سَهْوًا، لقِصَّةِ ذِي اليَدَيْن، فإنَّه مشَى وتكَلَّمَ، ودخَل مَنزِلَه، وبنَى على صَلاِته، على ما تقدَّم.
تنبيه: مُرادُه يبُطْلانِ الصَّلاةِ بالعَمَلِ المُسْتَكْثَرِ، إذا لم تكُنْ حاجَةٌ إلى ذلك، على ما تقدَّم في البابِ قبلَه، عندَ قوْلِه: فإنْ طالَ الفِعْلُ في الصَّلاةِ، أبطَلَها. وتقدَّم هناك حَدُّ الكَثير واليَسِيرِ، والخِلافُ فيه، فلْيُعاوَدْ. وتقدَّم حُكْمُ عَمَلِ الجاهِل في الصَّلاةِ هناك أَيضًا.
قوله: ولا تَبْطُلُ باليَسيرِ، ولا يُشْرَعُ له سُجُودٌ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ

الصفحة 18