كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 5)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: ومَهْما قَرَأ به جاز، سَواءٌ كانتِ القِراءَةُ طَوِيلَةً أو قَصِيرَةً؛ لِما رَوَتْ عائشةُ، أنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصَلِّى في كُسُوفِ الشَّمْسِ والقَمَرِ أرْبَعَ رَكَعاتٍ في أرْبَعِ سَجَداتٍ، وقَرَأ في الأُولَى بالعَنْكَبُوتِ والرُّومِ، وفى الثَّانيةِ بـ {يس}. أخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنىُّ (¬1).
فصل: وقال أصحابُنا: لا خُطْبَةَ لصلاةِ الكُسُوفِ، ولم يَبْلُغْنا عن أحمدَ، رَحِمَه اللَّهُ، في ذلك شئٌ. وهذا مَذْهَبُ مالكٍ، وأصْحابِ الرَّأْى. وقال إسْحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ: يَخْطُبُ الإِمامُ بعدَ الصَّلاةِ. قال الشافعىُّ: يَخْطُبُ كَخُطْبَتَى الجُمُعَةِ؛ لأنَّ في حديثِ عائشةَ، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- انْصَرَفَ وقد انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فخَطَبَ النّاس، فحَمِدَ اللَّهَ، وأثْنَى عليه، وقال: «إنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يَخسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ، وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا، وَتَصَدَّقُوا» ثم قال: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». مُتَّفَقٌ عليه (¬2). ولَنا، أنَّ في هذا الخَبَرِ ما يَدُلُّ على أنَّ الخُطْبَةَ لا تُشْرع لها، لأنَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَهم بالصلاةِ، والدُّعاءِ، والتَّكْبِيرِ، والصَّدَقَةِ، ولم يَأْمُرْهم بخُطْبَةٍ، ولو كانت سُنَّةً لأمَرَهمِ بها، وإنَّما خَطَب
¬_________
(¬1) في: باب صفة الخسوف والكسوف وهيئتها، من كتاب الكسوف. سنن الدارقطنى 2/ 94.
(¬2) أخرجه البخارى، في: باب الصدقة في الكسوف، من كتاب الكسوف. صحيح البخارى 2/ 42، 43. ومسلم، في: باب صلاة الكسوف، من كتاب الكسوف. صحيح مسلم 2/ 618. كما أخرجه النسائى، في: باب كيف الخطبة في الكسوف، من كتاب الكسوف. المجتبى 3/ 123. والإمام مالك، في: باب العمل في صلاة الكسوف، من كتاب صلاة الكسوف. الموطأ 1/ 186. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 164.