كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 6)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ». فابْتَدَرَه الناسُ، فوَجَدُوه قد مات، فلَفَّه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بثِيابِه ودِمَائِه، وصَلَّى عليه، فقالُوا: يارسولَ اللهِ، أشَهِيدٌ هو؟ قال: «نَعَمْ، وَأَنَا لَهُ شَهِيدٌ». وعامِرُ بنُ الأكْوَعِ بَارَزَ مَرْحَبًا يومَ خَيْبَرَ، فذَهَبَ يَسْفُلُ (¬1) له، فرَجَعَ سَيْفُه على نَفْسِه، فكانت فيها نَفْسُه (¬2). فلم يُفْرَدْ عن الشُّهَداء بحُكْمٍ. ولأنَّه شَهِيدُ المَعْركَةِ، أشْبَهَ مالو قَتَلَه الكُفَّارُ، وبهذا فارَقَ ما لَو كان في غيرِ (¬3) المُعْتَرَكِ.
فصل: ومَن قُتِل مِن أهلِ العَدْلِ (¬4) في المَعْرَكَةِ، فَحُكْمُه في الغَسْلِ حُكْمُ مَن قُتِل في مَعْرَكَةِ المُشْرِكِين. وقال القاضى: يُخَرَّجُ على رِوايَتَيْن، كالمَقْتُولِ ظُلْمًا. ولَنا، أنَّ عَلِيًّا، رَضِىَ اللهُ عنه، لم يُغَسِّلْ مَن قُتِلَ معهَ، وعَمَّارٌ أوْصَى أن لا يُغَسَّلَ، وقال: ادْفِنُوني في ثِيابِى، فإنى مُخاصِمٌ. ولأنَّه شَهِيدُ المَعْرَكَةِ، أشْبَهَ قَتِيلَ الكُفَّارِ. وهذا قولُ أبي حنيفةَ. وقال الشافعيُّ، في أحَدِ قَوْلَيْه: يُغَسَّلُون، لأنَّ أسْمَاءَ غَسَّلَتِ ابْنَها عبدَ اللهِ بنَ الزُّبَيْرِ. والأوَّلُ أوْلَى، لِما ذَكَرْنا، فأمَّا عبدُ اللهِ بنُ الزُّبَيْرِ فإنَّه أُخِذ وصُلِب، فصار كالمَقْتُولِ ظُلْمًا، ولأنه ليس بِشَهِيدِ المَعْرَكَةِ.
وأمَّا الباغِى، فيَحْتَمِلُ أن يُغَسَّلَ، ويُصلَّى عليه. اخْتارَه الخِرَقِىُّ،
¬_________
(¬1) في م: «سيف». ويسفل أى يضربه من أسفله.
(¬2) أخرجه مسلم، في: باب غزوة ذى قرد وغيرها، من كتاب الجهاد. صحيح مسلم 3/ 1440.
والإمام أحمد، في: المسند 4/ 51، 52.
(¬3) سقط. من: م.
(¬4) أى الذين يقاتلون البغاة مع الإمام.

الصفحة 103