كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه: مَحلُّ الخِلافِ في وُجوبِ الكفَّاراتِ فيما يفْعَلُه الصَّبِيُّ، فيما إذا كان يَلْزَمُ البالِغَ كفَّارَتُه مع الخَطَإِ والنِّسْيانِ. قال المَجْدُ في «شَرْحِه»: أو فعَلَه به الوَلِىُّ لمَصْلحَتِه، كتَغْطِيةِ رأسِه لبَرْدٍ، أو تَطْيِيبِه لمرَضٍ. فأمَّا إنْ فعَلَه الوَلِىُّ لا لعُذْرٍ، فكفَّارَتُه عليه، كمَن حلَق رأْسَ مُحْرِمٍ بغيرِ إذْنِه. فأمَّا ما لا يَلْزَمُ البالِغَ فيه كفَّارَةٌ مع الجَهْلِ والنِّسْيانِ، كاللُّبْسِ والطَّيبِ في الأَشْهَرِ، وقَتْلِ الصَّيْدِ في رِوايَةٍ، والوَطْءِ والتَّقْليمِ على تخْريجٍ، فلا كفَّارَةَ فيه إذا فعلَه الصَّبِىُّ؛ لأنَّ عمْدَه خَطَأٌ.
فائدتان؛ إحداهما، حيثُ أوْجَبْنا الكفَّارَةَ على الوَلِىِّ بسَببِ الصَّبِىِّ ودخَلَها الصَّوْمُ، صامَ عنه؛ لوُجوبِها عليه ابْتِداءً. الثَّانيةُ، وَطْءُ الصَّبِىِّ كوَطْءِ البالِغِ ناسِيًا، يمْضِى في فاسِدِه، ويَلْزَمُه القَضاءُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: لا يَلزَمُه قَضاؤُه. وحكَاه القاضي في «تَعْلِيقِه» احْتِمالًا. فعلى المذهب، لا يصِحُّ القَضاءُ إلَّا بعدَ البُلوغِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه الإِمامُ أَحمدُ. وقيل: يصِحُّ قبلَ بلُوغِه. وصحَّحَه القاضي في «خِلَافِه». وكذا الحُكْمُ والمذهبُ إذا تحَلَّلَ الصَّبِيُّ مِن إحْرامِه لفَواتٍ أو إحْصارٍ، لكنْ إذا أرادَ القَضاءَ بعدَ البُلوغِ، لَزِمَه أنْ يُقَدِّمَ حَجَّةَ الإِسْلامِ على المَقْضِيَّةِ، فلو خالفَ وفعلَ، فهو كالبالِغِ، يُحْرِمُ قبلَ الفَرْضِ بغيرِه، على ما يأْتِى آخِرَ البابِ. ومتى بلَغ في الحَجَّةِ الفاسِدَةِ في حالٍ يُجْزِئُه عن حَجَّةِ الفَرْضِ لو كانت صَحِيحَةً، فإنَّه يَمْضِى فيها، ثم يَقْضِيها، ويُجْزِئُه ذلك عن حَجَّةِ الإِسْلامِ والقَضاءِ، كما يأْتِي نظِيرُه في العَبْدِ قريبًا. قلتُ:

الصفحة 26