كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 8)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لا يَجِدُ بَدَنَةً ويَجِدُ بَقَرَةً أو شاةً. انتهى. قلتُ: فى كلامِ ابنِ مُنَجَّى شئٌ؛ وهو أنَّه نقَل عنِ المُصَنفِ فى «المُغْنِى» أنَّه قال: يجِبُ على المُجامِعِ بَدَنَةٌ، فإن لم يجِدْ، فشَاةٌ. وهذا لم يَقُلْه المُصَنفُ فى «المُغْنِى» عن أصحابِ المذهَبِ، وإنَّما نقَلَه عنِ الثَّوْرِيِّ، وإسْحاقَ، فلعَلَّه كان فى النُّسْخَةِ التى عندَه نَقْصٌ، فسقَط هذا النَّقْلُ والاعْتِراضُ. وقوْلُه: والشَّبَهُ إنَّما يكونُ فى ذاتِ الواجِبِ، أو فى نَفْس الانْتِقالِ. فيُرَدٌّ على الأوَّلِ، أنَّه لا يجِبُ فيها بَدَنَةٌ، بل شَاةٌ. قلتُ: هذا غيرُ وارِدٍ، والجامِعُ بينَهما، أنَّ هذا هَدْىٌ وهذا هَدْيٌ، ولا يَلْزَمُ المُساوَاةُ مِن كل وَجْهٍ، بل يُكْتَفَى بجامِعٍ ما. وقوْلُه: ويُرَدُّ على الثَّاني، أنَّه لا يَجُوزُ الانْتِقالُ فى المُتْعةِ مع القُدْرَةِ على الشَّاةِ. قلتُ: وهذا مُسَلَّمٌ، فإنَّا نقولُ: لا يجوزُ الانْتِقالُ عنِ الهَدْىِ الواجِب بالوَطْءِ مع القُدْرَةِ عليه. وهكذا قال المُصَنِّفُ، فلا يُرَدُّ عليه. وقوْلُه: وأمَّا الأَثَرُ، فإنَّ المَرْوِيَّ عنِ العَبادِلَةِ، أنَّ مَنْ أفْسَدَ حَجَّه، أفْتَوْه إذا لم يَجِدِ الهَدْىَ، انْتقَلَ إلى صِيامِ عَشَرَةِ أيَّامٍ، ولا يَلْزَمُ فى حَقِّ مَن لم يَجِدْ بَدَنَةً أنْ يُقالَ عنه: لم يَجِدِ الهَدْىَ؛ لأنَّه قد لا يَجدُ بَدَنَةً ويَجِدُ بقَرَةً أو شَاةً. قُلْنا: هذا مُسَلَّمٌ. والمُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ، قد نَبَّه على هذا بعدَ ذلك بقَوْلِه: ومَن وَجبَتْ عليه بَدَنةٌ، أجْزَأَتْه بقَرَةٌ، ويُجْزِئُه أيضًا سَبْعٌ مِنَ الغنَمِ. على ما يأْتِى. فلم يَمْنَعْ ذلك المُصَنِّفُ. غايَتُه، أنَّ ذلك ظاهِرُ كلامِه. فيُرَدُّ بصَرِيحِ كلامِه الآتِى، ونُقَيِّدُه به. وكلامُ المُصَنِّفِ يُقَيِّدُ بعضُه بعضًا، وهذا عَجَبٌ منه؛ إذْ هو شارِحُ كلامِه.

الصفحة 408