كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 9)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
في اسْتِحْبابِ الدَّفْع قبلَ طُلُوعِ الشمس؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَفْعَلُه. قال عُمَرُ (¬1)، رَضِىَ اللَّهُ عنه: إنَّ المُشْرِكِينَ كانُوا لا يُفِيضُونَ، ويَقُولُون؛ أشْرِقْ ثَبِيرُ (¬2)، كيما نُغِيرُ. وإنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- خالَفَهم، فأفاضَ قبلَ أن تَطْلُعَ الشمسُ. رَواه البخارىُّ (¬3). والسُّنَّة الإِسْفارُ جِدًّا. وبه قال الشافعىُّ، وأصحابُ الرَّأْى. وكان مالكٌ يَرَى الدَّفْعَ قبلَ الإِسْفارِ. ولَنا، حَدِيثُ جابِرٍ الذى ذَكَرْناه. وعن نافِعٍ، أنَّ ابنَ الزُّبَيْرِ أخَّرَ في الوَقْتِ حتى كادَت الشمسُ تَطْلُعُ. فقالَ ابنُ عُمَرَ: إنِّى أراه يُريدُ أن يَصْنَعَ كما صَنَع أهلُ الجاهِلِيَّةِ. فدَفعَ ودَفَع النّاسُ معه. وكان ابنُ مسعودٍ يَدْفَعُ كانْصِرافِ القَوْمِ المُسْفِرِينَ مِن صلاةِ الغَداةِ. ويُسْتَحَبُّ أن يَسِيرَ وعليه السَّكِينَةُ. قال ابنُ مسعودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: ثم أرْدَفَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الفَضْلَ ابنَ عباسٍ، وقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ البِرَّ لَيْسَ بإيجَافِ الخَيْلِ وَالإِبِلِ، فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» (¬4). فما رَأيتُها رافِعَةً يَدَيْها حتى أتَى مِنًى.
¬_________
(¬1) في النسخ: «ابن عمر». والمثبت من مصادر التخريج.
(¬2) ثبير: جبل بمزدلفة على يسار الذاهب إلى منى.
(¬3) في: باب متى يدفع من جمع، من كتاب الحج. وفى: باب أيام الجاهلية، من كتاب فضائل الصحابة. صحيح البخارى 2/ 204، 5/ 53. وليس فيه: «كيما نغير».
كما أخرجه أبو داود، في: باب الصلاة بجمع، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 449، 450. والترمذى، في: باب ما جاء أن الإفاضة من جمع قبل طلوع الشمس، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى 4/ 132. والنسائى، في: باب وقت الإفاضة من جمع، من كتاب المناسك. المجتبى 5/ 215. وابن ماجه، في: باب الوقوف بجمع، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه 2/ 1006.
(¬4) أخرجه البخارى، في: باب أمر النبى -صلى اللَّه عليه وسلم- بالسكينة. . .، من كتاب الحج. صحيح البخارى 2/ 201. وأبو داود، في: باب الدفعة بن عرفة، من كتاب المناسك. سنن أبى داود 1/ 446. والنسائى، في: باب =