كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 10)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فلا يُقْبَلُ منهم إلَّا الإِسْلامُ، في ظاهِرِ المَذْهَبِ، وفيه اخْتِلافٌ يُذْكَرُ في بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، إن شاءَ اللَّهُ تعالى.
فصل: ومَن بَلَغَتْه الدَّعوَةُ مِن الكُفَّارِ يجوزُ قِتالُه مِن غيرِ دُعاءٍ، ومَن لم تَبْلُغْه الدَّعْوَةُ، يُدْعَى قبلَ القِتالِ، ولا يجوزُ قِتالُهم قبلَ الدُّعاءِ؛ لِما روَى بُرَيْدَةُ، قال: كان النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا بَعَث أميرًا على سَرِيَّةٍ أو جَيْشٍ، أمَرَه بتَقْوَى اللَّه فِى خاصَّتِه، وبِمَن معه مِن المسلمين، وقال: «إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إِلَى إحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَأَيَّتُهُنَّ أجَابُوكَ إلَيْهَا فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفَّ عَنْهُمْ؛ ادْعُهُمْ إلَى الإِسْلَامِ، فإنْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفَّ عَنْهُمْ، فإنْ هُمْ أَبَوْا، فَادْعُهُمْ إِلَى إعْطَاءِ الجِزْيَةِ، فَإنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفَّ عَنْهُمْ، فَإنْ أبَوْا، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَقَاتِلْهُمْ». رَواه مسلمٌ (¬1). وهذا، واللَّهُ أعْلمُ، كان في بَدءِ الأَمْرِ، قبلَ انْتِشارِ الدَّعْوَةِ، وظُهُورِ الإِسْلامِ، فأمَّا اليومَ، فقد انْتَشَرَتِ الدَّعْوَةُ واسْتُغْنِىَ بذلك عن الدُّعاءِ عندَ القِتالِ. قال أحمدُ: إنَّ الدَّعْوَةَ قد بَلَغَتْ وانْتَشَرتْ، ولكنْ إن جازَ أن يَكُونَ قَوْمٌ خلفَ الرُّومِ وخلفَ التُّرْكِ بهذه الصِّفَةِ، لم يَجُزْ قِتالُهم قبلَ الدَّعْوَةِ، ومَن بَلَغَتْه الدَّعْوَةُ يَجُوزُ قِتالُهم قبلَ ذلك. وإن دَعاهُم فحَسَنٌ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الحديثِ. وقد رُوِى أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرَ عليًّا -حينَ أعْطاهُ الرَّايَةَ يومَ خَيْبَرَ وأمَرَه بقِتالِهم- أن يَدْعُوَهُم، وهم ممَّن قد بَلَغَتْه الدَّعْوَةُ. رَواه البُخَارِىُّ (¬2). ودَعا خالدُ بنُ الوليدِ طُلَيْحَةَ، حينَ ادَّعَى النبوَّةَ، فلم
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 86.
(¬2) في: باب غزوة خيبر، من كتاب المغازى. صحيح البخارى 5/ 171.

الصفحة 128