كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 10)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهذا صريحٌ. وحديثُ حَبِيبِ بنِ (¬1) مَسْلَمَةَ، أنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُنَفِّلُ الرُّبْعَ بعدَ الخُمْسِ، والثُّلُثَ بعدَ الخُمْسِ. وحدِيثُ جَرِيرٍ حينَ قال له عُمَرُ: لك الثُّلُثُ بعدَ الخُمْسِ. ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَفَّلَ الثُّلُثَ، ولا يُتَصَوَّرُ إخْراجُه مِن الخُمْسِ. ولأنَّ اللَّهَ تعالى قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (¬2). يَقْتَضِى أن يَكُونَ الخُمْسُ خارجًا مِن الغَنِيمَةِ كلِّها. وأمّا حديثُ ابنِ عُمَرَ، فقد رَواه شُعَيْبٌ، عن نافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، قال: بَعَثَنا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- في جَيْشٍ قِبَلَ نَجْدٍ، وابْتَعَثْتُ (¬3) السَّرِيَّةً مِن الجَيْشِ، فكان سُهْمانُ الجيشِ اثْنَىْ عَشَرَ بَعِيرًا، ونَفَلُ أهلِ السَّرِيَّةِ بعيرًا بعيرًا، فكانتْ سُهْمانُهم ثَلاثَةَ عَشَرَ بعيرًا (¬4). فهذا يُمْكِنُ أن يَكُونَ نَفَّلَهم مِن أرْبَعَةِ أخْماسِ الغَنِيمَةِ دُونَ بَقِيَّةِ الجَيْشِ، كما يُنَفِّلُ (¬5) السَّرايَا. ويتَعَيَّنُ حَمْلُ هذا الخَبَرِ على هذا؛ لأنَّه لو أعْطَى جميعَ الجَيْشِ، لم يَكُنْ ذلك نَفَلًا، وكان قد قَسَمَ لهم أكثرَ مِن أرْبَعةِ الأخْماسِ، وهو خلافُ الآيَةِ والأخْبارِ.
فصل: وكلامُ أحمدَ في أنَّ النَّفَلَ مِن أرْبَعةِ الأخْماسِ عامٌّ؛ لعُمُومِ الخَبَرِ فيه، ويَحْتَمِلُ أن يُحْمَلَ على القِسْمَيْنِ الأوَّلَيْن مِن النَّفَلِ. فأمَّا
¬_________
(¬1) في النسخ: «بن أبى». وانظر مصادر التخريج في صفحة 135.
(¬2) سورة الأنفال 41.
(¬3) في م: «ابتعث».
(¬4) تقدم تخريجه في صفحة 135.
(¬5) في م: «يفعل».

الصفحة 142