كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 10)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَعْنِى لا يَخْرُجُ لتَعَلُّفٍ، وهو تَحْصِيلُ العَلَفِ، ولا احْتِطابٍ، ولا غيرِه، إلَّا بإذْنِ الأمِيرِ؛ لقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} (¬1). ولأنَّ الأمِيرَ أعْرَفُ بحالِ الناسِ، وحالِ العَدُوِّ، ومَكامِنِهم، وقُرْبِهم، وبُعْدِهم، فإذا خَرَج أحَدٌ بغيرِ إذْنِه، لم يَأْمَنْ أن يُصادِفَ كَمِينًا للعَدُوِّ، أو طَلِيعَةً لهم، فيَأْخُذُوه، أو يَرْحَلَ الأميرُ ويَدَعَه فيَهْلِكَ، فإذا كان بإذْنِ الأمِيرِ، لم يأْذَنْ لهم إلَّا إلى مَكانٍ آمِنٍ، ورُبَّما يَبْعَث معهم مِن الجيشِ مَن يَحْرُسُهم.
فصل: فأمَّا المُبارَزَةُ، فتجُوزُ بإذْنِ الأميرِ، في قولِ عامَّةِ أهْلِ العِلْمِ، إلَّا الحَسَنَ، فإنَّه كَرِهَها. ولَنا، أنَّ حَمْزَةَ وعَلِيًّا وعُبَيْدَةَ بنَ الحارِثِ بارَزُوا يومَ بَدْرٍ بإِذْنِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (¬2). وبارَزَ علىٌّ عَمْرَو بنَ عَبْدِ وُدٍّ في غَزْوَةِ الخَنْدَقِ (¬3). وبارَزَ مَرْحَبًا يَوْمَ خَيْبَرَ. وقيل: بارَزَه محمدُ بنُ مَسْلَمَةَ (¬4). وبارَزَ البَراءُ بنُ مالكٍ مَرْزُبانَ الزَّأْرةِ (¬5) فَقَتَلَه، وأخَذَ سَلَبَه،
¬_________
= 416، 467، 471، 511.
(¬1) سورة النور 62.
(¬2) أخرجه البخارى، في: باب قتل أبى جهل، من كتاب المغازى، وفى: باب {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، من سورة الحج، من كتاب التفسير. صحيح البخارى 5/ 95، 96، 6/ 124. ومسلم، في: باب قوله تعالى {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}، من كتاب التفسير. صحيح مسلم 4/ 2323. وابن ماجه، في: باب المبارزة والسلب، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه 2/ 946.
(¬3) انظر السيرة النبوية لابن هشام 3/ 332 - 334.
(¬4) انظر: المغازى، للواقدى 2/ 470، 471.
(¬5) في م: «المرازبه». والزأرة: الموضع كثير الشجر. والمرزبان: رئيس القوم من العجم.

الصفحة 145