كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 10)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فبَلَغَ ثَلاثينَ ألفًا (¬1). ورُوِىَ عنه أنَّه قال: قَتَلْتُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ رَئِيسًا مِن المُشْرِكِين مُبارَزَةً، سِوَى مَن شارَكْتُ فيه (¬2). ولم يَزَلْ أصحابُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يُبارِزُون في عَصْرِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ومِن بعدِه، لم يُنْكِرْه مُنْكِرٌ، فكان إجْماعًا، وكان أبوِ ذَرٍّ يُقْسِمُ أنَّ قَوْلَه تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} (¬3). نَزَلَتْ في الذين تَبارَزُوا يومَ بَدْرٍ، وهم حَمْزَةُ وعَلِىٌّ وعُبَيْدَةُ، بارَزُوا عُتْبَةَ وشَيْبَةَ والوَلِيدَ بنَ عُتْبَةَ. رَواه البخارىُّ (¬4). إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَنْبَغِى أن يُسْتَأْذَنَ الأمِيرُ في المُبارَزَةِ إذا أمْكَنَ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وإسْحاقُ. ورَخَّصَ فيها مالِكٌ، والشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّ أبا قَتادَةَ، قال: بارَزْتُ رَجُلًا يومَ حُنَيْنٍ وقَتَلْتُه (¬5). ولم يُعْلَمْ أنَّه اسْتَأْذَنَ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكذلك أكثرُ مَن حَكَيْنا عنهم المُبارَزَةَ، لم نَعْلَمْ منهم اسْتِئْذانًا. ولَنا، أنَّ الإِمامَ أعْلَمُ بفُرْسانِه وفُرْسانِ عَدُوِّه، ومَتى بَرَزَ الإِنْسانُ إلى مَن لا يُطِيقُه، كان مُعَرِّضًا نفْسَه للهَلاكِ، فيَكْسِرُ (¬6) قلوبَ المُسْلِمِين،
¬_________
(¬1) أخرجه البيهقى، في: باب ما جاء في تخميس السلب، من كتاب قسم الفئ والغنيمة. السنن الكبرى 6/ 310، 311. وسعيد بن منصور، في: باب ما يخمَّس في النفل، من كتاب الجهاد. السنن 2/ 263، 264. وعبد الرزاق، في: باب السلب والمبارزة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 233. وابن أبى شيبة، في: باب من جعل السلب للقاتل، من كتاب الجهاد. المصنف 12/ 371، 372.
(¬2) في م: «فيهم». والحديث أخرجه عبد الرزاق، في: باب السلب والمبارزة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 233، 234. وفيه: «مائة» مكان: «تسعة وتسعين».
(¬3) سورة الحج 19.
(¬4) انظر حاشية (2) في الصفحة السابقة.
(¬5) حديث أبى قتادة يأتى بتمامه في صفحة 152. ويأتى تخريجه هناك. وهو بهذا اللفظ عند عبد الرزاق، في: باب السلب والمبارزة، من كتاب الجهاد. المصنف 5/ 236.
(¬6) في م: «فتنكسر».

الصفحة 146