كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 10)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: وسُئِلَ أحمدُ عن الرَّجُلَيْن يشْتَرِيان الفَرَسَ بينَهما، يَغْزُوانِ عليه، يركبُ هذا عُقْبَةً، وهذا عُقْبَةً، فقال: ما سَمِعْتُ فيه بشئٍ، وأرْجُو أن لا يكونَ به بَأْسٌ. قيل له: أيُّما أحَبُّ إليك، يعْتَزِلُ الرجلُ في الطَّعام أو يُرافِقُ؟ قال: يُرافِقُ، هذا أرْفَقُ، يتَعاوَنُون، وإذا كُنْتَ وَحْدَك لم يُمْكِنْكَ الطَّبْخُ ولا غيرُه، ولا بَأْسَ بالنِّهْدِ، قد تناهَدَ الصَّالحُون، كان الحسَنُ إذا سافَرَ ألْقَى معهم، ويَزِيدُ أيضًا بعدَ ما يُلْقِى. ومعنى النِّهْدِ، أن يُخْرِجَ كلُّ واحدٍ مِن الرُّفْقَةِ شيئًا مِن النَّفَقَةِ، يدْفَعُونَه إلى رجل يُنْفِقُ عليهم منه، ويأْكُلُونَ جميعًا، وكان الحسَنُ يدْفَعُ إلى وَكِيلِهم مثلَ واحِدٍ منهم، ثم يعودُ فيَأتِى سِرًّا بمثلِ ذلك، يدْفَعُه إليه. قال أحمدُ: ما أرَى أن يغْزُوَ ومعه مُصْحَفٌ. يعنى لا يدْخُلُ به أرْضَ العَدُوِّ؛ لقولِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لَا تُسَافِرُوا بِالْقُرْآنِ إلَى أرْضِ العَدُوِّ». رَواه أبو داودَ، والأثْرَمُ (¬1).
فصل: ومَن أُعْطِىَ شيئًا يسْتَعِينُ به في غَزاتِه، فما فَضَل فهو له، إذا كان قد أُعْطِىَ لغَزْوَةٍ بعَيْنِها. هذا قولُ عطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وسعيدِ بنِ المُسَيَّبِ. وكان ابنُ عُمَرَ إذا أعْطى شيئًا في الغَزْوِ، يقولُ لصاحِبِه: إذا بَلَغْتَ وادِىَ القُرَى (¬2) فشَأْنُكَ به. ولأنَّه أعْطاه على سَبِيلِ المُعاوَنَةِ والنَّفَقَةِ، لا على سبيلِ الإجارَةِ، فكان الفاضِلُ له، كما لو وَصَّى له أن يحُجَّ عنه فلانٌ حجَّةً بألْفٍ. وإن أعْطاه شيئًا ليُنْفِقَه في سبيلِ اللَّهِ، أو في الغَزْوِ مطلقًا، ففَضَلَ منه فَضْلٌ، أنْفَقَه في غَزاةٍ أُخْرَى؛ لأنَّه أعْطاهُ
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه في 2/ 78.
(¬2) وادى القرى: بين المدينة والشام، من أعمال المدينة، كثير القرى. معجم البلدان 4/ 878.

الصفحة 174