كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 10)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: وأفْضَلُ الرِّباطِ المُقامُ بأشَدِّ الثُّغُورِ خَوْفًا؛ لأنَّهم أحْوَجُ، ومُقامُه به أنْفَعُ. قال أحمدُ، رَحِمَه اللَّهُ: أفْضَلُ الرِّباطِ أشَدُّهم كَلَبًا. وقيل لأبى عبدِ اللَّهِ: فأينَ أحَبُّ إليك أن ينزِلَ الرَّجُلُ بأهْلِه؟ قال: كلُّ مَدِينَةٍ مَعْقِلٌ للمُسْلِمين، مثلَ دِمَشْقَ. وقال: أرضُ الشامِ أرضُ المَحْشَرِ، ودِمَشْقُ موضِعٌ يجْتَمِعُ الناسُ إليه إذا غَلَبَتِ الرُّومُ. قِيلَ لأبى عبدِ اللَّهِ: فهذه الأحاديثُ التى جاءَت: «إنَّ اللَّهَ تَكَفَّلَ لِى بالشَّامِ» (¬1). ونحو هذا؟ قال: ما أكْثَرَ ما جاءَ فيه. وقيل له: إنَّ هذا في الثُّغُورِ. فأنْكَرَه، وقال: أرضُ القُدْسِ أينَ هى؟ «ولَا يَزَالُ أهْلُ الغَرْبِ ظَاهِرِينَ» هم أهلُ الشام. ففَسَّرَ أحمدُ الغَرْبَ في هذا الحديثِ بالشَّامِ، وهو صَحِيحٌ، روَاه مسلم (¬2). وإنَّما فسَّره بذلك؛ لأنَّ الشَّامَ يُسَمَّى مغرِبًا، لأنَّه مغرِبٌ للعِراقِ، كما يُسَمَّى العِراقُ مَشْرِقًا، ولهذا قِيلَ: ولأهْلِ المَشْرِقِ ذاتُ عِرْقٍ. وقد جاء في حديثٍ مُصَرَّحًا به: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أمَّتِى ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأتِىَ أمْرُ اللَّهِ وَهُمْ بِالشَّامِ». وفى حديثِ مالكِ بنِ يُخامِرَ، عن مُعاذٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قال: «وَهُمْ بِالشَّامِ». رَواه البخارىُّ (¬3). وروَى في «تاريخه» عن
¬_________
(¬1) في م: «بأهل الشام». والحديث أخرجه أبو داود، في: باب في سكنى الشام، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود 2/ 4. والإمام أحمد، في: المسند 5/ 33، 34. وفيه: «بالشام وأهله».
(¬2) في: باب قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لا تزال طائفة من أمتى. . .»، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم 3/ 1525.
(¬3) في: باب حدثنى محمد بن المثنى. . .، من كتاب المناقب، وفى: باب قول النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لا يزال. . .». من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة. صحيح البخارى 4/ 252، 9/ 125.
كما أخرجه مسلم، في: باب قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لا تزال طائفة. . .»، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم =

الصفحة 29