كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 14)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فأعْطانِي دِينارًا، فقال: «يا (¬1) عُرْوَةُ، ائْتِ الجَلَبَ، فاشْتَرِ لَنَا شَاةً». فأتَيتُ الجَلَبَ فساوَمْتُ صاحِبَه، فاشْتَرَيتُ شاتَين بدِينار، فجِئْتُ أسُوقُهُما -أو أقُودُهما- فلَقِيَني رجل بالطَّرِيقِ، فساوَمَنِي، فبعْتُ منه شاةً بدِينارٍ، فجِئْتُ بالدِّينار وبالشّاةِ، فقلتُ: يا رسولَ اللَّهِ، هذا دِينارُكُم، وهذه شاتُكُم. قال: «وكَيفَ صَنَعْتَ؟». فحَدَّثْتُه الحَدِيثَ، فقال: «اللَّهُمَّ بَارِكْ له في صَفْقَةِ يَمِينهِ». رَواه الأثْرَمُ (¬2). ولأنَّه نَمَاءُ مالِ غيرِه بغيرِ إذْنِ مالِكِه فكان لمَالِكِه، كما لو غَصَب حِنْطَةً فزَرَعَها. فأمّا المُضارِبُ، فَفِيه رِوَايتَانِ؛ إحْداهما، لا شيءَ له؛ لأَنه عَقَد عَقْدًا لم يُؤذَنْ له فيه، فلم يَكُنْ له شيء، كالغاصِبِ. وهذا اخْتِيارُ أبي بَكْر. والثّانِيَةُ، له أجْر؛ لأنَّ رَبَّ المالِ رَضِيَ بالبَيعِ وأخَذَ الرِّبْحَ، فاسْتَحَقَّ العامِلُ عِوَضًا، كما لو عَقَدَه بإذْنٍ (¬3). وفي قَدْرِ الأجْرِ رِوايتان؛ إحْداهُما، أجْرُ مِثْلِه ما لم يُحِطْ بالرِّبْحِ؛ لأنَّه عَمِل ما يَسْتَحِقُّ به العِوَضَ، ولم يُسَلَّمْ له المُسَمَّى، فكان له أجْرُ مِثْلِه، كالمُضارَبَةِ الفاسِدَةِ. والثّانِيَةُ، له الأقَل مِن المُسَمَّى أو أجْرِ المِثْلِ؛ لأنه إن كان المُسَمَّى أقَلَّ، فقد رَضِيَ به، فلم يَسْتَحِقَّ اكْثَرَ منه، وإن كان أجْرُ المِثْلِ أقَلَّ، فلم يَسْتَحِقَّ أكثر منه؛ لأَنه لم يَعْمَلْ ما أمِرَ به. فإن قَصَد الشراءَ
¬_________
(¬1) زيادة من: ر 1، وفي المسند 4/ 376: «أي».
(¬2) تقدم تخريجه في 11/ 56.
(¬3) في م: «بإذنه».

الصفحة 102