كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 14)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
بعدُ؟ قال: لَا يجوزُ. قِيلَ له: فإن أخَّرَه أو أبرَأه مِن حَقِّه دُونَ صاحِبِه؟ قال: يَجُوزُ. قِيل: فقد قال أبو عُبَيدٍ: يَجُوزُ أن يَأخُذَ دُونَ صاحِبِه إذا كان له أن يُؤخِّرَ ويُبْرِئَه دُونَ صاحِبِه؟ ففَكَّرَ فيها، ثم قال: هذا يُشْبِهُ المِيراثَ إذا أخَذَ منه بعضُ الوَرَثَةِ دُونَ بعضٍ، وقد قال ابنُ سِيرينَ وأبو قِلَابَةَ وأبو العالِيَةِ: مَن أخَذَ شيئًا فهو مِن (¬1) نصِيبِه. قال: فرأيتُه قد احْتَجَّ له وأجَازَه. قال أبو بَكْرٍ: العَمَلُ عندِي على ما رَواه حَنْبَل وحَرْب، أنه لا يَجُوزُ أن يَكُونَ نَصِيبُ القابِضِ له فيما أخَذَه؛ لِما في ذلك مِن قِسْمَةِ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ مِن غيرِ رِضَا الشَّرِيكِ، فيَكُونُ المَأخُوذُ والباقي جَمِيعًا مُشْتَرَكًا. ولغيرِ القابِضِ الرُّجُوعُ [على القابِضِ] (¬2) بحِصَّتِه مِن الدَّينِ، سواءٌ كان المالُ باقِيًا في يَدِه، أو أخْرَجَه عنها برَهْنٍ أو قَضاءِ دَينٍ أو غيرِه. وله أن يَرْجِعَ على الغَرِيمِ؛ لأنَّ الحَقَّ يَثْبُت في ذِمَّتِه لهما على وَجْهٍ سواءٍ، فليس له تَسْلِيمُ حَقِّ أحَدِهما إلى الآخَرِ. فإن أخَذَ مِن الغَرِيمِ، لم يَرْجِعْ على الشَّرِيكِ بشيء؛ لأنَّ حَقَّه ثَبَت في أحَدِ المَحَلَّين، فإذا أجاز (¬3) أحَدُهما سَقَط حَقُّه مِن الآخَرِ، وليسِ للقابِضِ مَنْعُه مِن الرُّجُوعِ على الغَرِيمِ، بأن يَقُولَ: أنا أعْطِيكَ نِصْف ما قَبَضْتُ. بل الخِيَرَةُ إليه، مِن أيِّهما شاء قَبَض، فإن قَبَض مِن شَرِيكِه شيئًا، رَجَع الشَّرِيكُ على الغَرِيم
¬_________
(¬1) سقط من: م.
(¬2) زيادة من: م.
(¬3) في م: «اختار».

الصفحة 151