كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 14)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يَكْتَسِبُونَه [بأيدِيهم أن يَعْمَلُوا في صِناعَتِهم، فما رَزَق اللهُ سُبْحانه، فهو بينَهم، وكذلك إذا اشْتَرَكُوا فيما يَكْتَسِبُون] (¬1) مِن المُباحِ؛ كالحَطَبِ، والحَشِيشِ، والثِّمارِ المَأخوذَةِ مِن الجِبالِ، والاصْطِيادِ، والمَعادِنِ، والتَّلَصُّصِ على دارِ الحَرْبِ، فهذا جائِز. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايةِ أبي طالِبٍ، فقال: لا بَأسَ أن يَشْتَرِكَ القَوْمُ بِأبْدانِهم وليس لهم مالٌ، مِثْلَ الصَّيّادِين والحَمّالِين والنَّخّالِين، قد أشْرَكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينَ عَمّارٍ وسَعْدٍ وابنِ مَسْعُودٍ، فجاء سَعْدٌ بأسِيرَين ولم يَجِيئا بشيءٍ (¬2). وفَسَّرَ أحمدُ صِفَةَ الشرِكَةِ في الغَنِيمَةِ، فقال: يَشتَرِكان فيما يُصِيبان مِن سَلَبِ المَقْتُولِ؛ لأنَّ القاتِلَ يَخْتَصُّ به دُونَ الغانِمِين. وبه قال مالكٌ. وقال أبو حنيفةَ: تَصِحُّ في الصِّناعَةِ، ولا تَصِحُّ في اكْتِسابِ المُباحِ، كالاحْتِشاشِ والاغْتِنامِ؛ لأن الشَّرِكَةَ مُقْتَضاها الوَكالةُ، ولا تَصِحُّ الوَكالةُ في هذه الأشْياءِ؛ لأنَّ مَن أخَذَها مَلَكَها. وقال الشافعيُّ: شَرِكَةُ الأبدانِ كلُّها فاسِدَة؛ لأنها شَرِكَة على غيرِ مالٍ، فلم تَصِحَّ، كما لو اخْتَلَفَتِ الصِّناعاتُ. ولَنا، ما روَى أبو داوُدَ (¬3)، والأثْرَمُ، بإسْنادِهما عن عبدِ اللهِ قال: اشْتَرَكْنا أنا وسَعْدٌ وعَمّارٌ يومَ بَدْر، فلم أجِيء أنا وعمّارٌ بشيءٍ، وجاء سَعْدٌ بأسِيرَين. ومِثْلُ هذا لا يَخْفَى عن رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وقد أقرَّهُم،
¬_________
(¬1) سقط من: م.
(¬2) أخرجه أبو داود، في: باب الشركة على غير رأس مال، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 230. والنسائي، في: باب الشركة بغير مال، من كتاب البيوع. المجتبى 7/ 280.
(¬3) هو الحديث المتقدم.

الصفحة 159