كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 14)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل: وهل له السَّفَرُ بالمالِ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، ليس له ذلك. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ، لأنَّ في السَّفَرِ تَغْرِيرًا بالمالِ وخَطَرًا، ولهذا يُرْوَى: «إنَّ المُسافِرَ [وماله] (¬1) على قَلَتٍ، إلَّا ما وقَى الله» (¬2) أي هَلاكٍ. ولا يَجُوزُ له التَّغْرِيرُ بالمالِ بغيرِ إذْنِ مالِكِه. والثّانِي، له السَّفَرُ به إذا لم يَكُنْ مَخُوفًا. قال القاضي: قِياسُ المَذْهَبِ جَوازُه، بِناءً على السَّفَرِ بالوَدِيعَةِ. وهو قولُ مالك. وحُكِيَ عن أبي حنيفةَ، لأنَّ الإذْنَ المُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلى ما جَرَتْ به العادَةُ، والعادَةُ جارِيَة بالتِّجارَةِ سَفَرًا و (¬3) حَضَرًا، ولأنَّ المُضارَبَةَ مُشْتَقَّة مِن الضَّرْبِ في الأرْضِ، فمَلَكَ ذلك بمُطْلَقِها. وهذان الوَجْهانِ في المُطْلَقِ. فأمّا إن أذِنَ فيه أو نُهِيَ عنه، أو وُجِدَتْ قَرِينة دالَّة على أحَدِ الأمْرَينِ، تَعَيَّنَ ذلك، وجاز مع الإِذْنِ (¬4)، وحَرُم مع النَّهْي. وليس له السَّفَرُ في مَوْضع مَخُوفٍ، على كِلا الوَجْهَين. وكذلك لو أذِنَ لا في السَّفَرِ مُطْلَقًا، لم يَكُنْ له السَّفَرُ في طَرِيقٍ مَخُوفٍ، ولا إلى بَلَدٍ مَخُوفٍ، فإن فَعَل فهو ضامِن لما يَتْلَفُ؛ لأنَّه تَعَدَّى بفِعْلِ ما ليس له فِعْلُه.
فصل: وليس للمُضارِب البَيعُ بدُونِ ثَمَنِ المِثْلِ، ولا أن يَشْتَرِيَ بأكثر منه مِمّا لا يَتَغابَنُ الناسُ بمِثْلِه، فإن فَعَل، فقد رُوِيَ عن أحمدَ،
¬_________
(¬1) في م: «وما معه».
(¬2) ذكره ابن قتبية، في: غريب الحديث 2/ 564، وابن الأثير، في: النهاية 4/ 98. وانظر تلخيص الحبير 3/ 98، وإرواء الغليل 5/ 383، 384.
(¬3) في م: «أو».
(¬4) سقط من: الأصل.

الصفحة 80