كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 14)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فله ذلك، وهل له الزِّراعَةُ (¬1)؟ يَحْتَمِلُ أن لا يَملِكَها؛ لأن المُضارَبَةَ لا يُفْهَمُ مِن إطْلاقِها الزِّراعة (1)، وقد رُوِيَ عن أحمدَ، رَحِمَه الله، في مَن دَفَع إلى رجلٍ ألْفًا، وقال: اتَّجِرْ فيها بما شِئْتَ. فزَرَعَ زَرْعًا، فرَبحَ فيه، فالمُضارَبَة جائِزَة، والرِّبْحُ بينَهما. قال القاضي: ظاهِرُ هذا أن قَوْلَه: اتُّجِرْ بما شِئْتَ. دَخَلَتْ فيه المُزارَعةُ؛ لأنها مِن الوُجُوهِ التي يبتغَى بها النَّماءُ. فعلى هذا، لو تَوَى المالُ في المُزارَعَةِ، لم يَلْزَمْهُ ضَمانُه.
فصل: وله أن يَشْتَرِيَ المَعِيبَ إذا رَأى المَصْلَحةَ فيه؛ لأن المَقْصُودَ الرِّبْحُ، وقد يَكُونُ الرِّبْحُ في المَعِيبِ. فإنِ اشْتَراه يَظنه سَلِيمًا فبانَ مَعِيبًا، فله فِعْلُ ما يَرَى فيه المَصْلَحَةَ؛ مِن رَدِّه، أو إمْساكِه وأخْذِ الأرْش. فإنِ اخْتَلَفَ العامِلُ ورَبُّ المالِ في الرَّدِّ، فطَلَبه أحَدُهما، واصباه الآخَرُ، فَعَل ما فيه النَّظَرُ والحَظُّ؛ لأنَّ المَقْصُودَ تَحْصِيلُه، فيُحْمَلُ الأمْرُ على ما فيه الحَظُّ. وأمّا الشريكان إذا اخْتَلَفا في رَد المَعِيبِ، فلِطَالِبِ الرَّدِّ رَدُّ نصِيبِه، وللآخَرِ إمْساكُ نَصِيبِه، إلَّا أن لا يَعْلَمَ البائِعُ أنَّ الشِّراءَ لهما، فلا يَلْزَمُه قَبُولُ رَدِّ بَعْضِه؛ لأنّ ظاهِرَ الحالِ أن العَقْدَ لمَن وَلِيَه، فلم يَجُزْ إدْخالُ الضَّرَرِ على البائِعِ بتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عليه. ولو أرادَ الذي وَلِيَ العَقْدَ رَدَّ بعضِ المَبِيعِ وإمْساكَ البَعْضِ، كان (¬2) حُكْمُه حُكْمَ ما لو أرادَ شَرِيكُه ذلك، على ما فَصَّلْناه. واللهُ أعلمُ.
¬_________
(¬1) في م: «المزارعة».
(¬2) في م: «فإن».

الصفحة 82