كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 16)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيهات؛ الأوَّلُ، قال الزَّرْكَشِيُّ: إذا رَدَّ بدَلَ ما أخَذ، فللأصحابِ في ذلك طُرُقٌ؛ أحدُها، لا يلْزَمُه إلَّا مِقْدارُ ما أخَذَ؛ سواءٌ كان البَدَلُ مُتَمَيِّزًا أو غيرَ مُتَمَيِّزٍ. وهذا مُقْتَضَى كلامِ الخِرَقِيِّ، وبه قطَع القاضي في «التَّعْلِيقِ»، وذكَر أن أحمدَ نصَّ عليه في رِوايَةِ الجماعَةِ. وأنْكَرَ في رِوايَةِ الأَثْرَمِ على مَن يقولُ بتَضْمِينِ الجميعِ. الطَّريقُ الثَّاني، إنْ تمَيَّزَ البدَلُ، ضَمِنَ قَدْرَ ما أخذَ فقط، وإنْ لم يتَمَيَّزْ، فعلى رِوايتَين. وهي طريقةُ المُصَنِّفِ في «المُغْنِي»، و «الكافِي»، والمَجْدِ. الطَّريقُ الثَّالثُ، في المَسْأَلةِ رِوايَتان فيهما. وهي ظاهِرُ كلامِ أبِي الخَطَّابِ في «الهِدايةِ». الطرِيقُ الرَّابِعُ، إنْ تمَيَّزَ البدَلُ، فعلى رِوايتَين، وإنْ لم يتَمَيَّزْ، ضَمِنَ، رِوايةً واحدةً. قاله في «التَّلْخيصِ». ويقْرُبُ منه كلامُ المُصَنِّفِ في «المُقْنِعِ»، وكلامُ القاضي على ما حَكاه في «المُغْنِي». وبالجُمْلَةِ، هذه الطرِيقَةُ، وإنْ كانتْ حَسَنَةً، لكِنها مُخالِفَةٌ لنُصوصِ أحمدَ. انتهى. الثَّاني، شرَط القاضي في «المُجَرَّدِ»، وابنُ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ، وأبو الفَرَجِ الشِّيرازِيُّ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وجماعةٌ، أنْ تكونَ الدَّراهِمُ ونحوُها غيرَ مَخْتُومَةٍ ولا مشْدُودَةٍ، فلو كانتْ كذلك، فحلَّ الشَّدَّ، أو فكَّ الخَتْمَ، ضَمِنَ الجميعَ، قوْلًا واحدًا. قال القاضي في «التعْلِيقِ»: هو قِياسُ قوْلِ الأصحابِ، ممَّا إذا فتَح قَفَصًا عن طائرٍ، فطارَ. وقاله أبو الخَطَّابِ في «رُءوسِ المَسائلِ». قال الحارِثِيُّ: ولا يصِحُّ هذا القِياسُ؛ لأنَّ الفَتْحَ عنِ الطائرِ إضاعَةٌ له، فهو كحَلِّ الزِّقِّ. ونقَل مُهنَّا، أنَّه لا يَضْمَنُ إلَّا ما أخَذَ. قال في «التَّلْخيصِ»: وروَى البَغَويُّ عن أحمدَ ما يدُلُّ على ذلك، ويَنْبَنِي على ذلك، لو خرَقَ الكِيسَ؛ فإنْ كان مِن فوقِ الشَّدِّ، لم يضْمَنْ إلَّا الخَرْقَ، وإنْ كان مِن تحتِ الشَّدِّ، ضَمِنَ الجميعَ، على المَشْهورِ

الصفحة 44