كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 17)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المُكاتَبةِ الصحيحةِ، ففي الفاسِدَةِ أوْلَى. والله أعْلَمُ.
فصل: وإذا قال: اشْتَرُوا بثُلُثيِ رِقابًا فأعْتِقُوهُم. لم يَجُزْ صَرْفُه إلى المُكاتَبين؛ لأنَّه أوْصَى بالشِّراء، لا بالدَّفْعِ إليهم. فإنِ اتَّسَعَ الثُّلُثُ لثلاثةٍ (¬1)، لم يَجُزْ أن يُشْتَرَى أقَلُّ منها؛ لأنَّها أقَلُّ الجَمْعِ. فإن قُدِر أن يُشْتَرَى أكثرُ مِن ثلاثةٍ بثَمنِ ثلاثةٍ غالِيَةٍ، كان أوْلَى وأفْضَلَ؛ لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن أعْتَقَ امْرَءًا مُسْلِمًا، أعْتَقَ الله بكُلِّ عُضْو منه عُضْوًا منه مِنَ النَّارِ» (¬2). ولأنَّه يُفَرِّجُ عن نَفْس زائِدَةٍ، فكان أفْضَلَ مِن عَدَمِ ذلك. وإن أمْكَنَ شِراءُ ثلاثةٍ رَخِيصَةٍ وحِصّةٍ مِن الرابعةِ، بثَمَنِ ثلاثةٍ غاليةٍ، فالثلاثةُ أفْضَلُ؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا سُئِلَ عن أفْضَلِ الرِّقابِ، قال: «أغْلَاهَا ثَمَنًا، وأنْفَسُها عِنْدَ أهْلِها» (¬3). والقَصْدُ مِن العِتْقِ تَكْمِيلُ الأحْكامِ؛ مِن الولايةِ، والجُمُعَةِ، والحَجِّ، والجِهادِ، وسائِرِ الأحْكَامِ التي تَخْتَلِفُ بالرِّقِّ والحُريَّةِ، ولا يَحْصُلُ ذلك إلَّا بإعْتاقِ جَمِيعِه. وهذا التَّفْضِيلُ، والله أَعْلَمُ، مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما يكونُ مع التَّساوي في المَصْلَحَةِ، فأمّا إن تَرَجَّحَ بعضُهم بدِينٍ وعِفّةٍ وصَلاحٍ
¬_________
(¬1) سقط من: م.
(¬2) أخرجه البخاري، في: باب قوله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15)} , من كتاب العتق، وفي: باب قول الله تعالى: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} وأي الرقاب أزكى، من كتاب الكفارات. صحيح البخاري 3/ 188، 8/ 181. ومسلم، في: باب فضل العتق، من كتاب العتق. صحيح مسلم 2/ 1147، 1148. والترمذي، في: باب ما جاء في ثواب من أعتق رقبة، من أبواب النذور. عارضة الأحوذي 7/ 24، 25. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 420، 422، 429، 431، 447، 525.
(¬3) تقدم تخريجه في 7/ 133.

الصفحة 382