كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 18)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ابنِ حُنَيفٍ، أنَّ رجلًا رمَى رجلًا بسَهْم فقتلَه ولم يَتْرُكْ إلَّا خالًا، فكتَبَ فيه أبو عُبَيدَةَ إلى عمرَ، فكتبَ إليه عمرُ: إنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «الخَالُ وَارِثُ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ». قال التِّرْمِذِيُّ: هذا حديثٌ حسَنٌ صَحيحٌ. وروَى المِقْدامُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «الخالُ وَارِثُ مَنْ لا وَارِثَ لَهُ، يَعْقِلُ عَنْهُ ويَرِثُهُ». أخرجه أبو داودَ (¬1). وفي لَفظٍ: «مَوْلَى مَنْ لَا مَوْلَى لَهُ، يَعْقِلُ عنه، ويَفُكُّ عَانِيَهُ» (¬2). فإن قيلَ: المرادُ به أنَّ مَن ليس له إلَّا خالٌ فلا وَارِثَ له، يُقالُ: الجوعُ زادُ مَن لا زادَ لَهُ، والماءُ طِيبُ مَن لا طِيبَ له، والصبرُ حِيلةُ مَن لا حِيلَةَ لَه. أو أنَّه أرادَ بالخالِ السُّلطانَ. قُلْنا: هذا فاسِدٌ؛ لوجوهٍ ثلاثةٍ؛ أحدُها، أنَّه قال: «يَرِثُ مالهُ». وفي لفظٍ: «يَرِثُهُ». والثاني، أنَّ الصحابَةَ فَهِموا ذلك، فكتَبَ عمرُ هذا جوابًا لأبي عُبَيدَةَ حين سألَه عن مِيراثِ الخالِ، وهم أحَقُّ بالفَهْمِ والصوابِ مِن غيرِهم. والثالثُ، أنَّه سَمَّاهُ وارِثًا، والأصْلُ الحقيقَةُ. وقولُهم: إنَّ هذا يُسْتَعْملُ للنَّفْي. قُلْنا: والإِثْباتِ، كقَولِهم: يا عِمادَ مَن لا عمادَ له. يا سَنَدَ مَن لا سَنَدَ له. يا ذُخْرَ مَن لا ذُخرَ له.
¬_________
(¬1) في: باب في ميراث ذوي الأرحام، من كتاب الفرائض. سنن أبي داود 2/ 111.
كما أخرجه ابن ماجه، في: باب الدية على العاقلة فإن لم يكن عاقلة ففي بيت المال، من كتاب الديات، وفي: باب ذوي الأرحام، من كتاب الفرائض. سنن ابن ماجه 2/ 879، 914. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 131، 133. وإسناده قوي. انظر الإحسان 13/ 397.
(¬2) أخرجه أبو داود في الموضع السابق. والبيهقي، في: السنن الكبرى 6/ 214. وإسناده حسن. انظر الإحسان 13/ 400.

الصفحة 162