كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 20)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجَوْزِيِّ، وأبو البَرَكاتِ. وعليها حمَل القاضي إطْلاقَ أحمدَ، وأبِي بَكْرٍ. قلتُ: وقيَّده ابنُ عَقِيل بذلك أيضًا، وأنَّ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ قال: وظاهِرُ كلامِ أحمدَ والأكْثَرِين أنَّ ذلك غيرُ مُعْتَبَرٍ. واخْتارَ ابنُ حامِدٍ عدَمَ الوُجوبِ حتى في هذه الحالةِ. قلتُ: الذي يظْهَرُ أنّ هذا خَطَأٌ مِنَ النَّاقِلِ عنه. ومِن أصحابِنا مَن أجْرَى الخِلافَ فيه، فحكَى ابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ» -في وُجوبِ النِّكاحِ على مَن يخافُ العَنَتَ ويجدُ الطَّوْلَ- رِوايتَين. ومنهم مَن جعَل محَلَّ الوُجوبِ في الصُّورَةِ الأُوْلَى وهذه الصُّورَةِ. ومنهم مَن جعَل الخِلافَ في الصُّورَةِ الثَّانيةِ، وهو مَن يجدُ الطَّوْلَ ولا يخافُ العَنَتَ، و [له شَهْوَةٌ] (¬1). فههنا جعل محَلَّ الخِلافِ غيرُ واحدٍ، وحَكَوْا فيه رِوايتَين. وهذه طريقَةُ القاضي، وأبي البَرَكاتِ. وقطَع الشّيخُ مُوَفَّقُ الدِّين بعَدَمِ الوُجوب مِن غيرِ خِلافٍ، وكذلك القاضي في «الجامِعِ الكَبِيرِ»، وابنُ عَقِيلٍ في «التَّذْكِرَةِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ، والشَّرِيفُ أبو جَعْفَرٍ. قالُوا (¬2): ويدُلُّ على رُجْحانِها في المذهبِ أنَّ أحمدَ لم يتزَوَّجْ حتى صارَ له أرْبَعُون سَنَةً، مع أنَّه كان له شَهْوَةٌ. ومنهم مَن جعَل محَلَّ الوُجوبِ في الصُّورَتَين المُتقَدِّمتَين، وفي صُورَةٍ ثالثةٍ؛ وهو مَن يجدُ الطَّوْلَ ولا شهْوةَ له. حكاه في «التَّرْغِيبِ». قال أبو العَبَّاسِ: وكلامُ القاضي وتَعْليلُه يقْتَضِي أنَّ الخِلافَ في الوُجوبِ ثابِت، وإنْ لم يكُنْ له شَهْوَةٌ. ومنهم مَن جعَل محَلَّ الوُجوبِ القُدْرَةَ على النَّفَقَةِ والصَّداقِ. قال في «المُبْهِجِ»: النِّكاحُ مُسْتحَبٌّ، وهل هو واجِب أمْ لا؟ يُنْظَرُ فيه؛ فإنْ كان فقِيرًا لا يقْدِرُ على الصَّداقِ، ولا على ما يقُومُ بأَوَدِ الزَّوْجَةِ، لم يجِبْ،
¬_________
(¬1) في ط: «لا له شهوة».
(¬2) في ط: «قال».

الصفحة 19