كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 20)
وَلَا يَلي كَافِرٌ نِكَاحَ مُسْلِمَةٍ بِحَالٍ، إلا إِذَا أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِهِ، فِي
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأبْعَدِ الغَيبَةُ المذْكُورةُ؛ فلو لم يُعْلَمْ أقَرِيبٌ هو أم بعيدٌ، لم يُزَوِّجِ الأبْعَدُ. وهو ظاهِرُ إطْلاقِ غيرِه. وقال أبو محمدٍ في «المُغْنِي» (¬1): يُزَوِّجُ الأبعَدُ والحالُ هذه. وكذلك إذا عُلِمَ أنَّه قَرِيبٌ ولكِنْ لا يُعْلَمُ مَكانُه. وهو حَسَنٌ، مع أنَّ كلامَ الخِرَقِيِّ لا يأْباه. انتهى. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: وكذلك لو كان الوَلِيُّ مَجْهولًا لا يُعْلَمُ أنَّه عَصَبَةٌ، ثم عُرِفَ بعدَ العَقْدِ. وكذا قال ابنُ رَجَبٍ: لو زُوِّجَتْ بِنْتُ المُلاعِنَةِ ثم اسْتَلْحَقَها الأبُ. قال في «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: لو لم يُعْلَمْ وجُودُ الأقْرَبِ حتى زوَّج الأبعَدُ. خرَّجها في «الكافِي» على رِوايَتَي انْعِزالِ الوَكيلِ قبلَ عِلْمِه بالعَزْلِ. ورجَّح أبو العَبَّاسِ وشيخُنا، يعْنِي به ابنَ رَجَبٍ، الصِّحَّةَ هنا. وقد يُقالُ: كلامُ صاحِبِ «الكافِي» ليس في هذه الصُّورَةِ؛ لأنَّه لم يذْكُرِ الخِلافَ إلَّا فيما إذا كان الأقْرَبُ فاسِقًا أو مَجْنونًا، وعادَتْ ولايَتُه بزَوالِ المانِعِ، فزَوَّجَ الأبعَدُ مِن غيرِ عِلْمٍ بعَوْدِ ولايَةِ الأقْرَبِ. وإذا لم يَعْلَمِ الوَلِيُّ بالأقْرَبِ بالكُلِّيَّةِ، لم يتَعَرَّضْ لها. وقد يُفَرَّقُ بينَهما بأنَّ النَّسِيبَ الأقْرَبَ إذا لم يُعْلَمْ، لم يُنْسَبِ الأبْعَدُ إلى تَفْريطٍ؛ فهو غيرُ مَقْدُورٍ على اسْتِئْذانِه، فيسْقُطُ الاسْتِئْذانُ بعدَمِ العِلْمِ، فالأبعَدُ حِينَئِذٍ غيرُ مَنْسوبٍ إلى تفْريطٍ، بخِلافِ ما إذا كان الأقْرَبُ فيه مانِعٌ وزال، فإنَّ الأبْعَدَ يُنْسَبُ إلى تَفْريطٍ إذا كان يُمْكِنُه حال العَقْدِ، مَعْرِفَةُ حالِ الأقرَبِ. انتهى.
قوله: ولا يَلِي كافِرٌ نِكاحَ مُسْلِمَةٍ بحالٍ -يعْنِي، لا يكونُ وَلِيًّا لها- إلا إذا
¬_________
(¬1) 9/ 385.