كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 20)

المقنع وَيَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى الْغُلَامِ لِغَيرِ شَهْوَةٍ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أحمدَ، يُكْرَهُ ولا يَحْرُمُ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلى وَجْهِ الأجْنَبِيَّةِ إذا أَمِنَ الفِتْنَةَ. انتهى. قلتُ: وهذا الذي لا يسَعُ النَّاسَ غيرُه، خُصوصًا للجِيرانِ والأقارِبِ غيرِ المحارِمِ، الذي نشَأ بينَهم. وهو مذهبُ الشَّافِعِيِّ. ويأْتي في آخِرِ العِدَدِ، هل يجوزُ أنْ يخْلُوَ بمُطَلَّقَتِه، أو أجْنَبِيَّةٍ، أمْ لا؟
قوله: ويجوزُ النَّظَرُ إلى الغُلامِ لغيرِ شَهْوَةٍ. النَّظَرُ إلى الأمْرَدِ لغيرِ شَهْوَةٍ على قِسْمَين؛ أحدُهما، أنْ يَأْمَنَ ثَوَرانَ الشَّهْوَةِ. فهذا يجوزُ له النَّظَرُ مِن غيرِ كَراهَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِب»، وغيرِهم. وقاله أبو حَكِيمٍ وغيرُه، ولكِنَّ ترْكَه أوْلَى. صرَّح به ابنُ عَقِيلٍ، قال: وأمَّا تَكْرارُ النَّظَرِ فمَكْرُوهٌ. وقال أيضًا في كِتابِ القَضاءِ: تَكْرارُ النَّظَرِ إلى الأمْرَدِ محَرَّمٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ بغيرِ شَهْوَةٍ. قال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ: ومَن كرَّرَ النَّظَرَ إلى الأمْرَدِ أو داوَمَه، وقال: إنِّي لا أنْظُرُ لِشَهْوَةٍ. فقد كذَب في ذلك. وقال القاضي: نظَرُ الرَّجُلِ إلى وَجْهِ الأمْرَدِ مَكْروهٌ. وقال ابنُ البَنَّا: النَّظَرُ إلى الغُلامِ الأمْرَدِ الجَمِيلِ مَكْروهٌ. نصَّ عليه. وكذا قال أبو الحُسَينِ. القِسْمُ الثَّاني، أنْ يخافَ مِنَ النَّظَرِ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ. فقال الحَلْوانِيُّ: يُكْرَهُ. وهل يَحْرُمُ؟ على وَجْهَين. وحكَى صاحِبُ «التَّرْغِيبِ» ثلاثَةَ أوْجُهٍ؛ التَّحْرِيمُ، وهو مَفْهومُ كلام صاحِبِ «المُحَرَّرِ»، فإنَّه قال: يجوزُ لغيرِ شَهْوَةٍ إذا أمِنَ ثَوَرانَها. واخْتارَه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فقال: أصحُّ الوَجْهَين، لا يجوزُ. كما أنَّ الرَّاجِحَ في مذهبِ أحمدَ، أنَّ النَّظَرَ إلى وَجْهِ الأجْنَبِيَّةِ مِن غيرِ حاجَةٍ لا يجوزُ،

الصفحة 56