كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 20)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أكْرَهُ أنْ تَسْمَعَ المَرأةُ صَوْتَ الرَّجُلِ. قال [ابنُ خَطيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»] (¬1): وهذا صحيحٌ؛ لأنَّ الصَّوْتَ يتْبَعُ الصُّورَةَ (¬2)، ألا ترَى أنَّه لمَّا مُنِعَ مِنَ النَّظَرِ إلى الأجْنَبِيَّةِ مُنِعَ مِن سَماعِ صَوْتِها، كذلك المرْأَةُ لمَّا مُنِعَتْ مِنَ النَّظَرِ إلى الرَّجُلِ مُنِعَتْ مِن سَماعِ صَوْتِه. [قال ابنُ خَطِيبِ السَّلامِيَّةِ في «نُكَتِه»: لم تَزَلِ النِّساءُ تَسْمَعُ أصْواتَ الرِّجالِ، والفَرْقُ بينَ النِّساءِ والرِّجال ظاهِرٌ] (¬3). ومنها، تَحْرُمُ الخَلْوَةُ لغيرِ مَحْرَمٍ للكُلِّ مُطْلَقًا، ولو بحَيوانٍ يشْتَهِي المَرأَةَ أو تَشْتَهِيه هي؛ كالقِرْدِ، ونحوه. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِيِّ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَه اللهُ، وقال: الخَلْوَةُ بأمْرَدَ حَسَنٍ ومُضاجَعَتُه كامْرَأَةٍ، ولو كان لمَصْلَحَةِ تعْليمٍ وتَأْدِيبٍ، والمُقِرُّ مُوْلِيه (1) عندَ مَن يُعاشِرُه كذلك مَلْعُونٌ دَيُّوثٌ، ومَن عُرِفَ بمَحَبَّتِهم أو مُعاشَرَةٍ بينَهم، مُنِعَ مِن تَعْليمِهم. وقال ابنُ الجَوْزِيِّ: كان السَّلَفُ يقُولُون: الأمْرَدُ أشَدُّ فِتْنَةً مِنَ العَذارَى. قال ابنُ عَقِيلٍ: الأمْرَدُ يَنْفُقُ (¬4) على الرِّجالِ والنِّساءِ، فهو شَبَكَةُ الشَّيطانِ في حقِّ النَّوْعَين. ومنها، كَرِهَ الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، مُصافَحَةَ النِّساءِ، وشدَّد أيضًا حتى لمَحْرَمٍ، وجوَّزَه لوالِدٍ. قال في «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ، ولمَحْرَمٍ. وجوَّز الإمامُ أحمدُ، رَحِمَه اللهُ، أخْذَ يَدِ عَجُوزٍ، وفي «الرِّعايَةِ»، وشَوْهاءَ. وسأَلَه ابنُ مَنْصُورٍ: يُقَبِّلُ ذاتَ المَحارِمِ منه؟ قال: إذا قَدِمَ مِن سَفَرٍ ولم يخَفْ على نفْسِه، لكِنْ لا يفْعَلُه على الفَمِ أبدًا، الجَبْهَةَ والرَّأْسَ. ونقَل حَرْبٌ، فِي مَن تضَعُ يدَها على بَطْنِ رَجُلٍ لا تحِلُّ له، قال: لا يَنْبَغِي إلَّا
¬_________
(¬1) سقط من: ط.
(¬2) في الأصل، ط: «الصوت».
(¬3) سقط من: الأصل.
(¬4) ينفق: أي يروج ويرغب فيه.

الصفحة 59