كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 25)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
رجلًا، فجاءَ أوْلادُ المَقْتُولِ وقد عَفا بعضُهم، فقال عُمَرُ لابنِ مسعودٍ: ما تقولُ؟ فقال: إنَّه قد أحْرِزَ مِن القَتْلِ. فضَرَبَ على كَتِفِه (¬1)، فقال: كُنَيْفٌ (¬2) مُلِئَ عِلْمًا (¬3). والدَّلِيلُ على أن القِصاصَ لجميعِ الوَرَثَةِ، ما ذكَرْناه في مسألَةِ القِصاصِ بينَ (¬4) الصَّغيرِ والكبيرِ. ولأَنَّ مَن وَرِث الدِّيةَ وَرِث القِصاصَ، كالعَصَبَةِ، وإذا عَفا بعضُهم، صَحَّ عَفْوُه، كعَفْوِه عن سائرِ حُقُوقِه، وزَوالُ الزَّوْجِيَّةِ لا يَمْنَعُ اسْتِحْقاقَ القِصاصِ، كما لم (¬5) يَمْنَعِ اسْتِحْقاقَ الدِّيَةِ، وسائرِ حُقُوقِه المَوْرُوثَةِ. ومتى ثَبَت أنَّه حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بينَ جَمِيعِهم، سَقَط بإسْقاطِ مَن كان مِن أَهْلِ الإسْقاطِ منهم؛ لأَنَّ حَقَّه منه له، فيَنْفُذُ تَصَرُّفُه فيه (¬6)، فإذا سَقَط سَقَط جَمِيعُه؛ لأنَّه مِمَّا لا يَتَبَعَّضُ، كالطَّلاق والعَتاق. ولأَنَّ القِصاصَ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ بينَهم لا يَتَبَعَّضُ، مبْنَاه على الدَّرْءِ (¬7) والإِسقاطِ، فإذا أسْقَطَ بعضُهم، سَرَى
¬_________
= باب الرجل يقتل فيعفو بعض الأولياء، من كتاب الديات. المصنف 9/ 317. والبيهقى، في: باب عفو بعض الأولياء عن القصاص دون بعض، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى 8/ 59. وصححه في الإرواء 7/ 281.
(¬1) في الأصل: «كتفيه».
(¬2) الكنيف: تصغير الكِنْف، وهو وعاء طويل يكون فيه متاع التجار، شبهه بأنه وعاء للعلم، بمنزلة الوعاء الذى يضع الرجل فيه أداته، وإنما صغره على وجه المدح. انظر غريب الحديث لأبى عبيد 1/ 169.
(¬3) أخرجه عبد الرزاق، في: باب العغو، من كتاب العقول. المصنف 10/ 13.
وأخرجه الحاكم، في: المستدرك 3/ 318. عن زيد بن وهب.
(¬4) في الأصل: «من».
(¬5) سقط من: الأصل.
(¬6) في الأصل: «منه».
(¬7) في م: «الدور».

الصفحة 154