كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 27)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الأحْنَفِ بنِ قَيسٍ، إذ جاءَ كتابُ عمرَ قبلَ مَوْتِه بسَنَةٍ: اقْتُلُوا كلَّ ساحِرٍ. فقَتَلْنا ثلاثَ سَوَاحِرَ في يومٍ. وهذا اشْتُهِرَ فلم يُنْكَرْ، فكان إجْماعًا، وقتلتْ حَفْصَةُ جارِيةً لها سَحَرَتْها (¬1). وقَتَل جُنْدَبُ بنُ كَعْبٍ ساحِرًا كان يَسْحَرُ بينَ يَدَيِ الوَليدِ بنِ عُقْبَةَ (¬2). ولأنَّه كافِرٌ فيُقْتَلُ؛ للخَبَرِ المَرْويِّ.
فصل: والسِّحْرُ الذي ذَكَرْنا حُكْمَه، هو الذي يُعَدُّ في العُرْفِ سِحْرًا (¬3)، مثلَ فِعْلِ لَبِيدِ بنِ الأعْصَمِ، حينَ سَحَر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ. ورَوَينا في «مَغازِي الأُمَويِّ» (¬4) أنَّ النَّجاشِيَّ دَعَا السَّواحِرَ فنَفَخْنَ في إحليلِ عُمارةَ بنِ الوَليدِ، فهامَ مع الوَحْشِ، فلم يَزَلْ معها إلى إمارَةِ عمرَ بنِ الخَطَّابِ، فأمْسَكَه إنْسانٌ، فقال: خَلِّنِي وإلَّا مِتُّ. فلم يُخَلِّه، فماتَ من ساعَتِه. وبَلَغَنا أنَّ بعضَ الأُمَراءِ أخذَ ساحِرَةً، فجاء زَوْجُها كأنَّه مُحْتَرِقٌ، فقال: قُولُوا لها تَحُلُّ عَنِّي. فقالت: ائْتُونِي بخُيوطٍ وبابٍ. فأتَوْها به، فجَلَسَتْ على البابِ، وجعلَتْ تَعْقِدُ، فطارَ بها البابُ، فلم يقدرُوا عليها. فهذا وأمْثالُه مثلُ أن يَعْقِدَ الرجلَ المُتَزَوِّجَ، فلا يُطِيقُ وَطْءَ امرأتِه، هو السِّحْرُ المُخْتَلَفُ في حُكْمِ صاحِبِه.
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه في 26/ 175.
(¬2) أخرجه عبد الرزاق، في: باب قتل الساحر، من كتاب اللقطة. المصنف 10/ 181، 182. والبيهقي، في: باب تكفير الساحر وقتله، من كتاب القسامة. السنن الكبرى 8/ 136.
(¬3) بعده في الأصل: «بين».
(¬4) وأخرجه أبو نعيم، في: دلائل النبوة 1/ 243 - 246. والبيهقي، في: دلائل النبوة 2/ 285 - 296.

الصفحة 187