كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 27)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ابنُ المُنْذِرِ: لا أعلمُ أحدًا وافَقَ أهْلَ الحديثِ على تَكْفِيرِهم وجَعْلِهم كالمُرْتَدِّينَ. وقال ابنُ عبدِ البَرِّ (¬1)، في الحديثِ الذي رَوَيناهُ: قولُه عليه السَّلامُ: «يَتَمارَى فِي الفُوقِ». يَدُلُّ على أنَّه لم يُكَفِّرْهُم؛ لأنَّهم عَلِقُوا مِن الإِسْلامِ بشيءٍ، بحيثُ يُشَكُّ في خُرُوجِهم منه ورُوِيَ أنَّ عليًّا لَمَّا قاتَلَ أهْلَ النَّهْرِ، قال لأصحابِه: لا تَبْدَأُوهُمْ بالقِتالِ. وبَعَث إليهم: أقيدُونَا بِعبدِ اللهِ بنِ خَبَّابٍ. قالوا: كلُّنا قَتَلَه (¬2). فحينَئذٍ اسْتَحَلَّ قِتَالهم؛ لإِقْرارِهم على أنْفُسِهم بما يُوجِبُ قَتْلَهم. وذَكَر ابنُ عبدِ البَرِّ (¬3)، عن علي، رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّه سُئِلَ عن أهْلِ النَّهْرِ، أكفَّارٌ هم؟ قال: مِن الْكُفْرِ فَرُّوا. قِيل: فمُنافِقُونَ؟ قال: إنَّ المُنافِقينَ لا يَذْكُرونَ اللهَ إلَّا قَلِيلًا. قيل (¬4): فما هم؟ قال: هم قَوْمٌ أصَابَتْهُم فِتْنَةٌ، فعَمُوا فيها وصمُّوا، وبَغَوْا علينا، وقاتَلُونا فقَتَلْناهُم (¬5). ولما جَرَحَه ابنُ مُلْجَمٍ،
¬_________
= والملحدين، وباب من ترك قتال الخوارج، من كتاب استتابة المرتدين. صحيح البخاري 8/ 47، 9/ 21، 22. باب في قتال الخرارج، من كتاب السنة. سنن أبي داود 2/ 544، 545. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 81، 92، 113، 131.
(¬1) انظر: التمهيد 23/ 326.
(¬2) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب ما ذكر في الخوارج، من كتاب الجمل. المصنف 15/ 309، 323، 324. والدارقطني، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطني 3/ 131، 132. والبيهقي، في: باب الخوارج يعتزلون. . . .، من كتاب قتال أهل البغي. السنن الكبرى 8/ 185.
(¬3) في: التمهيد 23/ 335.
(¬4) في م: «قال».
(¬5) في م: «فقاتلناهم».
وأخرجه عبد الرزاق، في: باب ما جاء في الحرورية، من كتاب اللقطة. المصنف 10/ 150. وابن أبي شيبة، في: باب ما ذكر في الخوارج، من كتاب الجمل. المصنف 15/ 256، 257، 332. والبيهقي في: باب الدليل على أنَّ الفئة الباغية. . . .، من كتاب قتال أهل البغي. السنن الكبرى 8/ 174.

الصفحة 63