كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 27)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
خَبَّاب (¬1). ولمَّا قَتَل ابنُ مُلْجَم عليًّا في غيرِ المعركةِ، أقِيد (¬2) به (¬3). وهل يَتَحَتَّمُ قَتْلُ الباغِي إذا قَتَل أحدًا مِن أهلِ العدلِ في غيرِ المعركةِ؟ فيه وَجْهان؛ أحدُهما، يَتَحَتَّمُ؛ لأنَّه قَتَل بإشْهارِ السِّلاحِ والسَّعْي في الأرْضِ بالفَسادِ، فأشْبَهَ قُطَّاعَ الطريقِ. والثاني، لا يَتَحَتَّمُ. وهو الصَّحِيحُ؛ لقولِ علي، رَضِيَ اللهُ عنه: إن شِئتُ أعْفُو، وإن شِئتُ اسْتَقَدْتُ (3). فأمَّا الخوارجُ، فالصَّحِيحُ، على ما ذَكَرْنا، إباحةُ قَتْلِهم، فلا قِصاصَ على أحدٍ (¬4) منهم، ولا ضَمانَ عليه في مالِه.
فصل: ومَن قُتِلَ مِن أهلِ البَغْي، غُسِّلَ، وصُلِّيَ عليه. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أصحابُ الرَّأي: إن لم يَكُنْ لهم فِئَةٌ، صُلِّيَ عليهم، وإن كانتْ لهم فِئَةٌ، لم يُصَلَّ عليهم؛ لأنَّه يجوزُ قَتْلُهم في هذه الحالةِ، فلم يُصَلَّ عليهم، كالكُفَّارِ. ولَنا، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلُّوا علَى مَنْ قَال: لَا إِلهَ إلَّا اللهُ». رَواه الخَلَّالُ في «جَامِعِه» (¬5). ولأنَّهم مُسْلمون لم يَثْبُتْ لهم حُكْمُ الشَّهادةِ، فيُغَسَّلُونَ، ويُصَلَّى عليهم، كما لو لم تَكُنْ لهم فِئَةٌ. وما ذَكَرُوه يَنْتَقِضُ بالزَّانِي المُحْصَنِ، والمُقْتَصِّ منه، والقاتِلِ في المُحارَبَةِ.
فصل: ولم يُفَرِّقْ أصحابُنا بينَ الخوارجِ وغيرِهم في هذا. وهو مذهبُ
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه في صفحة 63.
(¬2) في م: «قتل».
(¬3) تقدم تخريجه في صفحة 59.
(¬4) في م: «واحد».
(¬5) تقدم تخريجه في 3/ 39.

الصفحة 85