كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 29)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وإشْباعِ الحَرَكاتِ، فلا بَأْسَ به؛ فإنَّ النبَّى - صلى الله عليه وسلم - قد قَرأ، ورَجَّعَ، ورَفَعَ صَوْتَه، وقال الرّاوِى: لولا أن تَجْتَمِعَ النَّاسُ إلىَّ، لَحَكَيْتُ لكم قراءَةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). وقال عليه الصلاةُ والسلامُ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ». وقال: «مَاْ أذِنَ اللهُ لِشَىْءكَأذَنِهِ لنَبِىٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ، يَتَغنَّى بِالْقُرْآنِ» (¬2). أىْ يَجْهَرُ به. ومعنى أذِنَ: اسْتَمَعَ. قال القاضى: هو مَكْرُوهٌ على كلِّ حالٍ. ونحوُه قولُ أبى عُبَيْدٍ، وقال (¬3): مَعنَى قولِه: «مَنْ لَمْ يَتَغن بِالْقُرْآنِ» أىْ: يَسْتَغنِى به، قال الشَّاعِرُ:
وَكنْتُ امْرَءًا زَمَنًا بالعِراقِ … عَفيف المُناخِ (¬4) كَثيرَ التَّغنِّى
قال: ولو كان مِن (¬5) الغِناءِ بالصَّوْتِ، لَكانَ: مَن لم يُغنِّ بالقُرآنِ. ورُوِىَ نحوُ هذا التَّفْسيرِ عن ابنِ عُيَينةَ. وقال القاضى أحمدُ بنُ محمدٍ البِرْتِىُّ: هذا قولُ مَن أدْرَكْنا مِن أهلِ العلمِ. وِقال الوليدُ بنُ مسلمٍ: يَتغنَّى بالقُرآنِ، يَجْهرُ به. وقيلَ: يُحسِّنُ صَوْتَه به. قال شيْخُنا (¬6): والصَّحِيحُ أنَّ هذا القَدْرَ مِن التَّلْحينِ لا بَأسَ به، ولأنَّه لو كان مَكْرُوهًا، لم يَفْعَلْه النبُّى - صلى الله عليه وسلم -، ولا يَصِحُّ حَمْلُه على التَّغَنِّى في حديثِ: «مَا أذِنَ
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه في 4/ 179.
(¬2) تقدم تخريجه في 4/ 180.
(¬3) في غريب الحديث 2/ 171، 172.
والبيت للأعشى الكبير، وهو في ديوانه 25.
(¬4) في ق، م: «النياح».
(¬5) سقط من: م.
(¬6) في: المغنى 14/ 168.