كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 30)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مُصِيبًا) لمُوافقَتِه مُطْلَقَ النَّصِّ، وهو قولُه عليه الصلاةُ والسلامُ: «وَلَكِنَّ اليَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» (¬1).
فصل: ومَن تَوَجَّهتْ عليه يَمِين وهو فيها صادِقٌ، أو توَجَّهَتْ له، أُبِيحَ له الحَلِفُ، ولا شئَ عليه مِن إثْمٍ ولا غيرِه؛ لأَنَّ اللَّه تعالى شرَعَ اليَمِينَ، ولا يَشْرَعُ مُحَرَّمًا، وقد أمرَ اللَّهُ سبحانه نَبِيَّه، عليه الصلاة والسلامُ، أَنْ يُقْسِمَ على الحقِّ، في ثلاثةِ مَواضِعَ مِن كتابِه، منها قولُه تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} (¬2). وحلَفَ عمرُ لأُبَىٍّ على نَخْلٍ، ثم وَهبَه إيَّاه، وقال: خِفْتُ إنْ لم أحْلِفْ أن يَمتَنِعَ الناسُ مِن الحَلِفِ على حُقوقِهم، فتَصِيرَ سُنَّةً (¬3). قال حَنْبَلٌ: بُلِىَ أبو عبدِ اللَّهِ بنَحْوِ هذا، جاء إليه ابنُ عَمِّه، فقال: لى قِبَلَكَ حقٌّ مِن مِيراثِ أبى، وأُطالِبُكَ بالقاضى، وأُحَلِّفُكَ. فقيل لأبى عبدِ اللَّهِ: ما تَرَى؟ قال: أَحْلِفُ له، إذا لم يكُنْ له في قِبَلِى حَقّ، وأنا غيرُ شاك في ذلك، حَلَفْتُ له، وكيفَ لا أحْلِفُ، وعمرُ (¬4) قد حلَفَ، وأنا مَن أنا؟ وعزَمَ أبو عبدِ اللَّهِ على اليَمِينِ، فكَفَاه اللَّهُ ذلك، ورجَعَ الغُلامُ عن (¬5) تلك المُطالَبَةِ.
واخْتُلِفَ في الأُوْلَى، فقال قومٌ: الحَلِف أوْلَى مِن افْتداءِ يَمِينِه؛ لأَنَّ عمرَ
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه في 12/ 478.
(¬2) سورة التغابن 7.
(¬3) تقدم تخريجه في 27/ 502.
(¬4) في النسخ «ابن عمر». وابن عمر لم يحلف كما تقدم في 11/ 256، 28/ 433.
(¬5) في الأصل: «على».

الصفحة 134