كتاب الشرح الكبير على المقنع ت التركي (اسم الجزء: 30)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
حلَفَ، ولأَنَّ في الحَلِفِ فائِدَتَيْنِ؛ إحداهما، حِفْظُ مالِه عن الضَّياعِ، وقد نَهى النَّبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن إضاعَتِه (¬1). والثانيةُ، تخْليصُ أخِيه الظَّالمِ مِن ظُلْمِه (¬2)، وَأَكْلِ المالِ بغيرِ حَقِّه، وهذا مِن نُصْحِه ونُصْرَتِه بكَفِّه عن ظُلْمِه، وقد أشارَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على رجلٍ أن يَحْلِفَ ويأْخُذَ حَقَّه (¬3). وقال أصْحابُنا: الأفْضَلُ افْتِداءُ يَمينِه؛ فإنَّ عثمانَ افْتَدى يَمينَه، وقال: خِفْت أن يُصادِفَ قَدَرًا، فيقالَ: حلَفَ وعُوقِبَ، أو هذا شُؤْمُ يَمينِه (¬4). ورَوَى الخَلَّالُ بإسْنادِه، أنَّ حُذَيْفَةَ عَرَفَ جَمَلًا سُرِقَ له، فخَاصَمَ فيه (¬5) إلى قاضى المُسلمين، فصارَتِ اليَمِينُ على حُذَيْفةَ، فقال: لكَ عَشَرةُ دَراهِمَ. فأبَى، فقال: لكَ عِشرون. فأبَى. فقال: لكَ ثَلاثون. فأبَى فقال: لكَ أرْبَعونَ. فأبَى، فقال: حُذَيْفَةُ: أتُرانِى اترُكُ جَمَلِى؟ فحلَف باللَّهِ أنَّه له (¬6) ما باعَ ولا وَهب (¬7). ولأَنَّ في اليَمِينِ عندَ الحاكمِ تَبَذُّلًا، ولا يَأْمَنُ أن يُصادِفَ قَدَرًا، فيُنْسَبَ إلى الكَذِبِ، وأنَّه عُوقِبَ
¬_________
(¬1) تقدم تخريجه في 29/ 51.
(¬2) في م: «مظلمته».
(¬3) انظر ما تقدم في 28/ 436.
(¬4) تقدم تخريجه في 27/ 501.
(¬5) سقط من: ق، م.
(¬6) سقط من: م.
(¬7) أخرجه الدارقطنى، في: كتاب الأقضية والأحكام وغير ذلك. سنن الدارقطنى 4/ 242. والبيهقى، في: باب ما جاء في الافتداء عن اليمين. . .، من كتاب الشهادات. السنن الكبرى 10/ 179. وابن أبى شيبة، في: باب في الرجل يدعى الشئ فيقيم عليه البينة فيستحلف أنه لم بيع، من كتاب البيوع والأقضية. المصنف 6/ 155.

الصفحة 135