كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف ت التركي (اسم الجزء: 30)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
معْرِفَةُ مُرادِ كلِّ إنْسانٍ بحَسَبِه، فيُقَلِّدَه على بَيانٍ وإيضاحٍ، وإنَّما عَنَيْنا ما وقَع فى التَّآليفِ مِن هذه المَحاذِيرِ، لا مُطْلَقَ التَّأْليفِ، وكيف يُعابُ مُطْلَقًا وقد قال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «قَيِّدُوا العِلْمَ بالكِتابَةِ» (¬1). فلمَّا لم يُمَيِّزُوا فى الغالبِ ما نَقَلُوه ممَّا خَرَّجوه، ولا ما علَّلُوه ممَّا أهْمَلُوه، وغيرُ ذلك ممَّا سبَق، بانَ الفَرْقُ بينَ ما عيَّنَّاه وبينَ ما صَنَّفْناه. وأكثرُ هذه الأُمورِ المذْكُورَةِ يمْكِنُ أَنْ أذْكُرَها مِن ذِكْرِ المذهبِ مسْأَلَةً مسْألَةً، لكِنَّه يطولُ هنا. وإذا عَلِمْتَ عُذْرَ (¬2) اعْتِذارِنا، وخِيرَةَ اخْتِيارِنا، فنقولُ: الأحْكامُ المُسْتَفادَةُ فى مذْهَبِنا وغيرِه مِن اللَّفْظِ أقْسامٌ كثيرةٌ؛ منها، أَنْ يكونَ لَفْظُ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ عنه، بعَيْنِه، أو إيمائِه، أو تعْليلِه، أو سِياقِ كلامِه. ومنها، أَنْ يكونَ مُسْتَنْبَطًا مِن لَفْظِه؛ إمَّا اجْتِهادًا مِنَ الأصحابِ، أو بعْضِهم. ومنها، ما قيل: إنَّه الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. ومنها، ما قيل: إنَّه ظاهرُ المذهبِ. ومنها، ما قيل: إنَّه المَشْهورُ مِنَ المذهبِ. ومنها، ما قيل: نصَّ عليه. يعْنِى الإمامَ أحمدَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، ولم يَتَعَيَّن لَفْظُه. ومنها، ما قيل: إنَّه ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ. ولم يُعَيِّنْ قائِلُه لَفْظَ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ تُعالَى عنه. ومنها، ما قيل: ويَحْتَمِلُ كذا. ولم يَذْكُرْ أنَّه يُرِيدُ بذلك كلامَ الإِمامِ، رَضىَ اللَّهُ تعالَى عنه، أو
¬_________
(¬1) أخرجه ابن عبد البر، فى: جامع بيان العلم وفضله 1/ 86. والخطيب، فى: تاريخ بغداد 10/ 46. وأبو نعيم، فى: أخبار أصبهان 2/ 228. كلهم من حديث أنس. وأخرجه الدارمى فى سننه 1/ 127 موقوفا على أنس، وصحح الدارقطنى وقفه عليه.
كما أخرجه الحاكم، فى: المستدرك 1/ 106. وابن الجوزى، فى: العلل المتناهية 1/ 78. وعزاه الهيثمى للطبرانى فى الكبير والأوسط. مجمع الزوائد 1/ 152. كلهم من حديث عبد اللَّه بن عمرو.
كما أخرجه ابن عدى، فى: الكامل 2/ 792، من حديث ابن عباس.
(¬2) فى الأصل: «عذرًا»، وفى أ: «عقد».

الصفحة 398