كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 1)

قال. القاضي أبو الوليد (¬1): "وهذه علّةٌ لا طريقَ لنا نحن إلى معرِفَتها، فلا يلزمُنا العمل بها. وأبو حنيفةَ (¬2) يقولُ: إنّ تأخيرَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3) وأمرَهُ بالاقتيادِ إنّما كان لأنّه انتبهَ في حينِ طُلوع الشَّمسِ، ولا يجوزُ قضاءُ الفوائتِ في ذلك الوقتِ عنده.
قال الإمام (¬4): وهذا الّذي ذهبَ إليه أبو حنيفةَ ليس بصحيح؛ لأنّ وقتَ طلوعِ الشّمسِ لا يكونُ لها ضوءٌ يضربُ شيئًا ممّا على وجهِ الأرضِ، وقد قال في حديث عِمْرَان بن حُصَينٍ (¬5): "فما استَيْقَظنَا إلا لحرِّ الشَّمْسِ".
تفريع (¬6):
قال (¬7): ولم يَخْتَلِف أحدٌ من رُوَاةِ الأحاديثِ في نومِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، في الصَّحيحِ؛ أنّه - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا استيقظَ أَذَّنَ بالصّلاة وأقامَ لها، وفي ذلك اختلافٌ بينَ العلماءِ، وفي بعضِ طُرُقهِ: "أَذَّنَ وأَقَامَ" (¬8)، أو:"أَذَّنَ" (¬9)، واليقين في الأحاديثِ الصِّحاحِ أَوْلَى أنّ يُتَّبعَ من الشَّكِّ، كما أنّه لابدَّ من رَكْعتَي الفَجْر. لأنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلاَّهُما قبل صلاة الصُّبح (¬10)، فلا تلتَفِتُوا لروايةِ من قال بتَرْكِهِما.
¬__________
(¬1) في المنتقى: 1/ 28.
(¬2) انظر كتاب الأصل: 1/ 150، والمبسوط: 1/ 150.
(¬3) أي تأخيره - صلى الله عليه وسلم - الصلاة.
(¬4) الكلام موصول للأمام الباجي.
(¬5) الّذي رواه مسلم (682)، ولفظه: "فما أيقَظَنَا إلَّا حَرُّ الشَّمْسِ" وهو كذلك في الاستذكار.
(¬6) انظره في القبس: 1/ 102.
(¬7) القائل هو الإمام ابن العربي.
(¬8) أخرجه من حديث ابن مسعود: أحمد: 1/ 375، والترمذي (179) وقال: "ليس بإسناده بأس". والنسائي: 2/ 17.
(¬9) كما في حديث أبي قتادة الّذي أخرجه البخاري (395)، ومسلم (681).
(¬10) كما في حديث أبي قتادة الّذي أخرجه مسلم (681).

الصفحة 431