كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 1)

قال الإمام الحافظ (¬1): والدّليلُ أيضًا على أنَّ الإقامةَ مشروعةٌ في الفَوَائِتِ: الحديث المتقدّمِ (¬2).
ومن جهة المعنى: أنَّ الإقامةَ ذِكْرٌ شُرعَ في استفتاحِ الصّلاةِ لا يجوزُ أنّ ينفصلَ عنها.
مسألةٌ:
قال الإمام: وَمنْ ذكرَ صلاةً يخافُ فواتَهَا، إنّ أَذَّنَ لها وهو في جماعةٍ يَلْزَمُهُم الأذان في الوقت، فليصلّوا (¬3) جماعةً ويتركُوا الأذانَ. وأيضًا إنّ خافوا الفَوَاتَ بالإقامةِ صلُّوا بغيرِ إقامةٍ (¬4)، قاله أبو الوليد الباجي في "المنتقى" (¬5).
تكملةٌ:
قال الشّيخُ أبو عمر (¬6) - رضي الله عنه -: "الدّليلُ القاطع لمالك - رحمه الله - أنّ الإقامة تُجْزِىءُ في الفَوائِتِ عن الأذَانِ: فعلُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخَنْدَقِ حينَ حُبِسَ يومئذٍ عن صلاةِ الظّهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاءِ إلى هَوِيِّ من اللَّيلِ، ثمّ أقام لكل صلاةٍ ولم يذكر أَذانًا. رُوِيَ من حديث أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ (¬7)، وابنِ مَسْعُودٍ أيضًا" (¬8).
¬__________
(¬1) الكلام موصول للإمام الباجي.
(¬2) الّذي أخرجه مالكٌ (25) رواية يحيى.
(¬3) في المنتقى: " فلقيموا وليصلوا".
(¬4) ووجه ذلك: أنّ الأذان والإقامة من فضائل الصّلاة الّتي تتقدّمها، والوقت من فروض الصّلاة فلا يجوز أنّ يترك للفضائل.
(¬5) 1/ 29.
(¬6) في التمهيد: 5/ 235، وانظر الاستذكار: 1/ 112 (ط. القاهرة).
(¬7) رواه الشّافعيّ في السنن المأثورة (1)، وأحمد: 17/ 293 (ط. التركي) والنسائي في الكبرى (1750)، وابن حبان (2890)، وابن عبد البرّ في الاستذكار: 1/ 112 - 113 (ط. القاهرة)، وانظر تلخيص الحبير: 1/ 272.
(¬8) أخرجه أحمد: 1/ 423، والنسائي في الكبرى (1589)، وابن عبد البرّ في الاستذكار: 1/ 113 (ط. القاهرة).

الصفحة 433