الفائدة الثّانية عشر (¬1):
في الكلام على مَنْ نام عن الصّلاةِ حتّى فاتَ وَقْتُها، هل يصلِّي ركعتَي الفجرِ أم لا؛ هذا في الفوائتِ.
فمذهبُ مالكٍ - رحمه الله - أنّه قال: "ييدأُ بالمَكْتُوَبةِ"، ولم يعرِف ما ذُكِرَ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك في ركعتَي الفجرِ يومئذٍ (¬2).
وقال مالكٌ: إنّه من نَامَ عن صلاةِ الصُّبحِ حتّى طَلَعَت الشّمسُ إنّه لا يركَعُ ركعتَي الفجرِ، ولا يبدأُ بشيء سِوَى الفريضةِ؛ لأنّه لم يَبْلُغنا أنّ الرَّسولَ - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتَيِ الفجرَ حينَ نامَ عن الصّلاةِ حتّى طَلعَتِ الشّمسُ (¬3).
وليس في حديثه الّذي رواهُ مالكٌ أنَّه ركَعَهُما. وعلى هذا هو مذهبُه وجمهورُ أصحابِه، إلَّا أشْهَبَ وعليَّ بن زيادٍ فإنّهما قالا: يركَعُ ركعَتَيِ الفجرِ قبلَ أنّ يُصَلِّيَ الصُّبح، وقالا: قد بلَغنا أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلّاهُما يومئذٍ (¬4).
وأمّا الإمامُ الشّافعيّ (¬5) وأبو حنيفةَ (¬6) والثوريّ فإنّهم قالوا: يركَعهُما إنّ شاءَ الله ولا ينبغي أنّ يتركَهما، وإلى هذا ذهبَ أحمدُ بن حنبلٍ وإسحاق، ورُوِيَ في ذلك حديث عن عِمْرَان بن حُصَين (¬7).
الفائدة الثالثة عشر:
في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ نامَ عن الصَّلاةِ أَوْ نَسِيَهَا فَليُصَلِّها إِذا ذَكَرَهَا، فإنَّ الله تعالى يقولُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (¬8) ".
¬__________
(¬1) هذه الفائدة مقتبسة من الاستذكار: 1/ 114 (ط. القاهرة).
(¬2) أورده ابن عبد البرّ في التمهيد: 5/ 238.
(¬3) نصّ الإمام ابن عبد البرّ في الاستذكار والتمهيد: 5/ 238 على أنّ هذا القول ذكره أبو قرّة موسى ابن طارق في سماعه عن مالك.
(¬4) انظر التمهيد: 5/ 239.
(¬5) في الأم: 1/ 162، وانظر الحاوي الكبير: 2/ 276.
(¬6) انظر كتاب الأصل: 1/ 161، ومختصر اختلاف العلماء: 1/ 248، والمبسوط: 1/ 162.
(¬7) سبق تخريجه.
(¬8) طه: 14، والحديث جزء من حديث أخرجه مالكٌ في الموطأ (25) رواية يحيى.