كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 1)

الفصل الثاني في الشّرح والفوائد المنثورة
قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي: اعلموا- أنارَ اللهُ قلوبَكُم للمعارِفِ - أنَّ هذا حديثٌ مُشكِلٌ من مشكلاتِ الأحاديثِ، وقد خاضَ النّاسُ فيه قديمًا وحديثًا، يتأولون بوجوهٍ من التّأويلات، وفيه للعلماء أقوال أربعة (¬1):
القولُ الأوّل - قال الدّاوديّ: "إنّ الشّمس تَطلُعُ ومعها قرنُ الشّيطانِ" فذهب (¬2) إلى أنّ له قَرنَين على الحقيقة تطلُعُ مع الشّمس؛ لأنّه قد رُوِيَ أنّها تطلع مع قرني الشّيطان (¬3).
القولُ الثاني - قيل: إنه لا يمتنعُ أنّ يخلقَ اللهُ تعالى شيطاناَ تطلُعُ الشّمسُ مع قَرْنَيه وتغربُ.
القولُ الثالث - قيل: يحتملُ أنّ يريد بقوله: "قرنَ الشَّيطانِ" أي قرنه الّذي يضلّ به النّاس، ويستعين به على النَّاس، ولذلك يسجدُ حينئذٍ الكفّارُ (¬4).
القولُ الرّابع - قيل: يحتملُ أنّ يريدَ قبائل من النّاس يستعينُ بهم الشّيطانُ على كفره (¬5). وقد رَوَى أبو مسعود؛ أنّ رسولَ الله - صلّى الله عليه وسلم - أشار بِيَدِهِ نحو اليَمَنِ، فقال: "أَلاَ
¬__________
(¬1) هذه الأقوال مقتبسة من المنتقى: 1/ 362.
(¬2) الّذي في المنتقى: "قوله ي - صلّى الله عليه وسلم - إنَّ الشّمسَ تطلعُ بين قَرْنَي الشيطانِ، ذهب الدّاودي".
(¬3) الّذي في المنتقى: "وقد رُوِيَ أنّها تطلع بين قرني الشّيطان" ولعله يقصد الحديث الّذي رواه أحمد: 6/ 12 وغيره عن بلال بن رباح.
(¬4) أي يسجدون للشّمس.
(¬5) تتمة الكلام كما في المنتقى: "فيكون طلوعها عليهم أوّلا بمنزلة طلوعها معهم".

الصفحة 464