كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 1)

المسألة الثالثة (¬1):
قال (¬2): وأفتى أبو عمر أحمد بن عبد الملك بن هشام (¬3) في رجلٍ شَكَاهُ جيرانُه أنّه يؤذِيهِم في المسجد بلسانه (¬4)، فقال: يُخْرَج عن المسجد وُيبعَد عنه (¬5). ونزع بهذا الحديث. وقال (¬6): أَذَاهُ أكثر من أذى الثُّوم، وهذا الحديث أصل في نفي كلِّ ما يُتَأذَّى يه (¬7).
المسألة الرابعة:
هل لآكل الثُّوم أنّ يتصرَّفَ في الأسواق أم لا؟
فقال مالكٌ: ما سمعتُ في آكِلِ الثُّومِ كراهيةً في دُخولِ السُّوقِ، وإنّما ذلك في المسجدِ. ذَكَرَهُ ابنُ أبي زَيد في "نوادره (¬8) ".
وقال: آكِلُ الثُّومِ لا أرى عليه جُمُعَة، ولا أرى أنّ يشهدَها في رِحَابِه (¬9)، ولا يجوزُ أنّ يدخلَ المسجدَ من أَكَلَهُ.
المسألة الخامسة (¬10):
وأمّا الرَّوائحُ الّتي تَقرُبُ من الثُّوم، كالبَصَل والكُرَّاث، فقال مالكٌ: هما كالثُّومِ، وإن كان الفُجلُ يُؤذِي فلا يدخلُ من أَكَلَهُ المسجدَ.
¬__________
(¬1) هذه المسألة مقتبسة من المصدر السابق، انظر التمهيد: 6/ 423.
(¬2) القائل هنا هو ابن عبد البرّ، وعبارته في الاستذكار: "وقد شاهدت شيخنا أبا عمر ... ".
(¬3) هو المعروف بابن الْمُكوي، (ت.411) يقول عنه ابن بشكوال في الصلة: 4/ 28 "كبير المفتين بقرطبة الّذي انتهت إليه رياضة العلم بها ... حافظًا للفقه ... عارفًا بالفتوى على مذهب مالك وأصحابه ... وجمع للحكم أمير المؤمنين كتابًا حافلًا في رأي مالك سماه: كتاب الاستيعاب، من مئة جزء".
(¬4) زاد في الاستذكار والتمهيد: "وبيده".
(¬5) تتمة الكلام كما في الاستذكار: "قلت [القائل هنا وابن عبد البرّ] له: وما هذا وقد كان في أدبه بالسّوط ما يردعه؟ فقال: الاقتداء بحديث النّبيّ أَوْلَى".
(¬6) القائل هو أبو عمر بن المكوي فيما نقل عنه ابن عبد البرّ في التمهيد.
(¬7) هذه العبارة الأخير من زيادات المؤلّف على نصِّ ابن عبد البرّ.
(¬8) 1/ 535، ورواه العتبي في العتبية: 1/ 460.
(¬9) ذكره الباجي في المنتقى: 1/ 32 وعزاه إلى ابن وهب في المبسوط.
(¬10) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 1/ 33.

الصفحة 480