الفائدة التّاسعة (¬1):
قوله: "إخواننا" هو بيان لقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (¬2) قالت له الصّحابة (¬3): أَلَسنَا بإخْوَانِكَ؟ قال لهم: "بَلْ أنتُمْ أصحابِي"، فأعطاهم اسْمًا هو أخصُّ من الأُخُوَّةِ وأشرَفُ منه. والأسماءُ ثلاثةٌ: صحابىٌّ، وتابعىٌّ، ومؤمنٌ، ولكلِّ اسمٍ مرتبةٌ شرحناها في "كتاب الزّهد" (¬4) عند ذكر مراتب الخَلْقِ.
وفي قوله: "وَدِدْتُ أنِّي قد رأيتُ إخوانَنَا" دليلٌ على أنّ أهل الدِّين والإيمان والعِلْم والفضل إخوانه (¬5).
وأمّا (¬6) قوله: "وإخوانُنَا الّذينَ لم يَأتُوا بَعْدُ" رُويَ عن أبي عمرة (2)؛ أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - سُئِلَ فقيل له: يا رسولَ الله، أرأيتَ من آمَنَ بك ولم يَرَك، وصَدَّقَكَ ولم يرك؟ قال: "أولئكَ إخواني، أولئك مَعِي، طُوبَى لمن آمَنَ بي ولم يرني" (¬7)، ورُوِيَ أنّه قال ذلك سبع مرات (¬8).
وعنه - صلّى الله عليه وسلم - أنّه قال: "أعظمُ النّاسِ إيمانًا قومٌ يُؤمِنُون بي ولم يروني، أولئك هم إخواني حقَّا" (¬9).
¬__________
(¬1) انظر الفقرة الأولى من هذه الفائدة في القبس: 1/ 153.
(¬2) الحجر ات: 10.
(¬3) كما في حديث الموطَّأ (64) رواية يحيى.
(¬4) يقصد كتاب سراج المريدين، وانظر اللوحات 44/ أوما بعدها. وسمّاه في القبس: "الرقائق".
(¬5) انظر الاستذكار: 1/ 236 (ط. القاهرة).
(¬6) من هنا إلى آخر الفائدة مقتبس من الاستذكار: 1/ 236 - 237 (ط. القاهرة).
(¬7) رواه الطّبراني في الأوسط (8624)، والكبير (576)، وابن عبد البرّ في التمهيد: 20/ 247. وانظر الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/ 67.
(¬8) رواه الإمام أحمد: 5/ 257، والطبراني في الكبير (8009) من حديث أبي أمامة، كما رواه أبو يعلى (3391) من حديث أنس.
(¬9) رواه الطبراني في الكبير (12560) من حديث ابن عبّاس، وانظر التمهيد: 20/ 248 - 249.