كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

كما قال -عَزَّ وَجَلَّ-: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ} الآية (¬1)، فكان الخطاب للنبي - صلّى الله عليه وسلم - والمراد به غيره.
وكقوله: "كيف بكم إذا نزلَ فيكُم عيسى بن مريم حكمًا مُقْسِطًا ... " الحديث (¬2)، فخاطبهم وهو يريد بذلك آخر الأمّة.
الفائدة الحادية عشر:
في قوله (¬3): كيفَ تعرِفُ من يأتي بعدَكَ من أُمَّتِكَ؟ قال: "أَرَأَيتَ لو كان لرَجُلٍ خَيلٌ غُرُّ مُحَجَّلَةٌ في خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، ألَا يعرِفُ خيْلَهُ؟ ... " الحديث.
قال الإمام الحافظ: أمّا قولُه: "دُهْمٌ بُهْمٌ" قال الهرويّ (¬4):"في حديث النّبيّ: "يحشر النّاس يوم القيامة عُراةً حُفَاةً بُهْمًا" (¬5) الْبُهْمُ واحدُها بهيمٌ، وهو الّذي لا يخالطُ لونَهُ لونٌ سواه".
وقال الهروي (¬6) في قوله: "بَيْنَ ظَهري خيل بُهْم دُهْم" (¬7) هذا مطابق لقوله تعالى: {مُدْهَامَّتَانِ} (¬8) قال (¬9): والدَّهْمَةُ عند العرب السّواد.
¬__________
(¬1) يونس: 94.
(¬2) أخرجه الطيالسي (2296)، وأحمد: 2/ 336، والدارقطني في العلل: 9/ 190، والدّاني في السنن الواردة في الفتن (685) كلهم من حديث أبي هريرة.
(¬3) في حديث الموطَّأ (64) رواية يحيى.
(¬4) في الغريبين: 1/ 236، وانظر غريب الحديث لأبي عبيد: 1/ 196 - 197، ومشكلات موطَّأ مالك: 58.
(¬5) أخرجه الطبراني في الأوسط (837) من حديث أم سلمة. وقال الهيثمي في مجمع الزّوائد: 10/ 332 - 333 "رواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله رجال الصّحيح، غير محمد ابن موسى بن أبي عياش وهو ثقة". وقال المنذري في الترغيب والترهيب: 4/ 207 "رواه الطبراني في الأوسط بإسناد صحيح".
(¬6) في الغريبين: 1/ 337 ولم يرد فيه الحديث النبوي الشريف، ولا قوله: "هذا مطابق".
(¬7) أخرجه مطوّلًا أحمد: 2/ 300، والنساني: 1/ 94، وابن خزيمة (6).
(¬8) الرحمن: 64.
(¬9) القائل هو الهروي حكايته عن بعضهم.

الصفحة 104