كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

وقال مجاهِد في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {مُدْهَامَّتَانِ} أي: مُسْوَدَّتان (¬1).
قال الإمام الحافظ: وفيه فائدتان:
1 - الفائدة الأولى: فيه تشبيه الرَّجُل الكريم بالخيل، كما شبه الرّجُل اللئيم بالحمار.
2 - الفائدة الثّانية: فيه أنَّ الأَغَرَّ من الخيل أشرف من البهيم.
الفائدة الثّانية عشر:
في قوله (¬2): "فإنَّهُم يأتونَ يومَ القيامة غُرَّا مُحَجَّلِينَ من الوُضوء".
قال علماؤنا: الوضوءُ مخصوصٌ بهذه الأمّة بنصِّ الحديث.
وقيل: هو أيضًا لسائر الأُمَم، لكن خُصَّتْ هذه الأمَّةُ بتبلُّجِ نورهِ عليهم؛ ليتميَّزُوا لنَبيِّهم - صلّى الله عليه وسلم - في عَرَصَاتِ الموقفِ.
وقوله: "غُرًّا مُحَجَّلِينَ من أَثرِ الوُضُوء" قد استوفَى - صلّى الله عليه وسلم - في قوله: "غُرًّا مُحَجَّلِينَ" جميع أعضاء الوضوء؛ لأنَّ الغُرَّة بياضٌ في جبهة الفَرَسِ، والتّحجيلَ بياضٌ في يَدَيه ورِجْلَيه، فاستعار للنّور الّذي يكون بأعضاء الوضوء يوم القيامة اسم الغُرَّة والتَّحجيل على جهة التَّشبيهِ (¬3).
وقال الهرويّ: الغُرَّة: البياض الّذي في جبهة الخليقة (¬4).
¬__________
(¬1) أخرجه مجاهد في تفسيره: 639 بنحوه، والطّبريّ في تفسيره: 22/ 257 (ط. هجر) وعبد بن حميد كما في تغليق التّعليق: 4/ 331، وانظر الدر المنثور: 14/ 154 (ط. هجر).
(¬2) في حديث الموطَّأ (64) رواية يحيي.
(¬3) يقول ابن حبيب في تفسير غريب الموطَّأ: الورقة 9 "يعني بالغُّرَّة والتَّحجيل غشيان النّور وجوههم وأطرافم في المحشر وفي الموقف عند الحساب"، وانظر تفسير الموطّأ للبوني: 6/ أ.
(¬4) لم نجد هذا الكلام لا في غريب الحديث لأبي عبيد الهروي: 1/ 176، ولا في الغريبين: 4/ 242. 244. وانظر مشكلات موطَّأ مالك: 58، ومشارق الأنوار لعياض: 2/ 131.

الصفحة 105