الفائدة الثّالثة عشر:
قوله (¬1): "وأنَا فَرَطُهُمْ على الْحَوْضِ".
قال الإمام: فالْفَرَطُ (¬2) والْفَارِطُ هو متقدِّمُ القوم إلى أيِّ شيءٍ أرادوا، والْفَرَط أيضًا ما أصيب به الرَّجُل من وَلَدِه وحميمه (¬3)، فكأنّه يتقدّمُهم إلى الحوض، فالفَرَطُ: المتقدِّم على أي حالٍ كانَ، فكأنَّه هو عند حَوْضِهِ ينتظرهم حتّى يَرِدُوا عليه.
الفائدة الرّابعة عشر:
قوله: "فلا يُذَادَنَّ رِجَالٌ عن حَوْضِي" (¬4) ويروى: "رَجُلٌ عَنْ حَوْضِي" (¬5) بالإفراد وهو جلَّ نصّ الموطّأ، والرِّواية الثّانية في الصِّحاح (¬6).
وقال: "عَنْ حَوْضِي" وهذه معجزة؛ لأنّه أخبر عن مغيّبين (*):
أحدهما: ما وقع من التّبديل في النَّاس بعد موته - صلّى الله عليه وسلم -.
الثّاني: ما يكون الحْكم يوم القيامة مما لا يعلمه أحد غيره.
قال الإمام الحافظ: قوله: "فلاَ يُذَادَنَّ" وقع على جهة النّهي، ومعناه على هذا: لا تفعلوا ما يكون سببًا لذَوْدِكُم عن حَوْضي، فأكثر الرِّوايات: "لَيُذَادنَّ" بلام التّأكيد (¬7).
¬__________
(¬1) في حديث الموطَّأ (64) رواية يحيى.
(¬2) من هنا إلى قوله: "وجميعه" مقتبس من تفسير الموطّأ للبوني: 6/ أ، الّذي اقتبس بدوره هذا الشرح من شرح غريب الموطَّأ لابن حبيب: الورقة 9.
(¬3) هذا الشرح رواه ابن حبيب في كتابه السابق عن مُطَرَّف عن مالك.
(¬4) وهي رواية غير يحيى، مثل القعنبيّ (37)، والزهري (72) وغيرهما.
(¬5) هي رواية يحيى (64).
(¬6) انظر صحيح مسلم (249).
(¬7) وهي رواية القعنبيّ (37) وقد أخطأ المحقق فأثبت: "فلا يذادنّ" بالاعتماد على رواية يحيى، مع أنّ ما في الأصل المخطوط صحيح وانظر رواية القعنبيّ كما رواها الجرهري في مسند الموطَّأ (618)، وهي رواية الزهري أيضًا (72).