كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

وقولُه (¬1):"فَغَسلَ يَدَيْه مرَّتَيْن" دليلٌ على أنّ الغسلَ للعبادة دون النّجاسة؛ لأنّ غسل النّجاسة لا يعتبر فيه العدد (¬2). والعددُ المشروع في ذلك اثنان وثلاثة، للحديث".
مزيد إيضاح:
قال الإمام الحافظ - رضي الله عنه -: اختلف علماؤنا في غَسْلِهما، هل غَسْلُهما عبادة كالوضوء؟ أم هَي باقية على معقول معانيها فتكون كغسل النجاسة؟ على ثلاثة أقوال:
1 - القول الأوّل - قال أشهب: هي جاريةٌ مَجْرَى العبادة؛ لأنّه رأى محافظة النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - في الفعل قائمًا من النّوم وغير ذلك.
2 - وأبقاها ابنُ القاسم على أصلها.
3 - والصّحيح أنّه حُكْمٌ لم ينقل عن أصله إلى غيره، بخلاف الحدَث، إلَّا أنّها نجاسةٌ مظنونةٌ غير محقَّقة، فكان الغسل لها استحبابًا، وهو مذهبُ مالكٌ - رضي الله عنه (¬3) -.
وأمّا حديثُ عبد الله بن زيد: "فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَينِ" ليس يقتضي الإفراد لكلِّ يدٍ- والله أعلم-، وإنّما هو عبارة عن فعل الجمع مرَّتين.
شرح:
قوله (¬4): "ثُمَّ مَضمَضَ" المضمضةُ ليست بواجبة عند مالكٌ في الطّهارة الصُّغْرَى (¬5)، وبه قال أبو حنيفة (¬6)، والشّافعيّ (¬7).
¬_________
(¬1) في حديث الموطَّأ (32) رواية يحيى.
(¬2) تتمة الكلام كما في المنتقي: " ... وإنّما يعتبر العدد فيما يغسل عبادة، كأعضاء الوضوء".
(¬3) انظر عيون الأدلة: 13/ أ، والإشراف: 1/ 116 (ط. ابن حزم)، إلّا أنّ المؤلّف في العارضة: 1/ 42 رجّح الوجوب، فقال: "والصحيح وجوب الغسل من طريق الأثر والنّظر، وذلك أنّه قال في الحديث: "فإن أحدكم لا يدري أين باتت [يده] " فعلَّلَ بذلك، كما علّل في وجوب الوضوء من النّوم: "فإذا نامت العينان استطلق الوكاء" وكما يوجبُ النّوم الوضوء، كذلك يوجب غسل اليد، هذا إذا لم يكن استجى بالماء".
(¬4) هذه الفقرة مقتبسة من المنتقى: 1/ 35.
(¬5) انظر الرسالة: 93، والتفريع: 1/ 191، والإشراف: 1/ 117 (ط. ابن حزم).
(¬6) انظر مختصر اختلاف العلماء: 1/ 135.
(¬7) في الأم: 1/ 105.

الصفحة 11