وقال مالكٌ (¬1) - رحمه الله: قوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} الآية (¬2). وقولُه (¬3): "لَوْلاَ آيةٌ في كتاب اللهِ" خَشِيَ إنّ لم يحدِّث به أنّ يدخل في قوله عزَّ وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} ... الآية (¬4)، كما فسَّرَهُ عُرْوَة في "البخاريّ" (¬5)، فعلى تفسير عروة تكون الرِّواية: "لولا آيةٌ في كتاب اللهِ"، والَّذي فَسَّرَهُ مالكٌ يحتملُ الرِّوايتين جميعًا: "لَوْلاَ آيَةٌ" وتأوّل مالكٌ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (¬6).
فعلى تفسير مالكٌ أنّ عثمان إنّما أراد: لولا ما جاء تصديق هذا الحديث في كتابِ اللهِ ما حدَّثتُكُمُوهُ.
وقيل: يحتمل إنّ كان الّذي أراد عثمان هذه الآية الّتي تأوَّل مالكٌ، يريد بقوله: "لَوْلاَ أنَّه في كتاب الله ما حَدَّثتُكُمُوهُ" أنّ الوضوء والصّلاة يكفِّران الذنوب لِئلّا تَتَّكِلُوا، ولكن قد نصَّ اللهُ ذلك في كتابِه بقوله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (¬7) فلذلك أعلمتكم به.
وعلى تفسير عُزوَة: لولا الميثاق الّذي أخذ على العلماء، وما وُعِدُوا على كِتمَانِ ذلك ما حَدَّثتُكُمُوهُ.
الفائدة الثّالثة (¬8):
قوله (¬9): "غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ" وقوله (¬10): "غُفِرَ لَهُ ما بَينَهُ وبينَ الصَّلاةِ الأُخرَى حتَّى يُصَلِّيهَا".
¬__________
(¬1) في الموطَّأ: 1/ 67 رواية يحيى.
(¬2) هود: 114.
(¬3) من هنا إلى آخر الفائدة مقتبسٌ من تفسير الموطَّأ للبوني: 6/ أ.
(¬4) البقرة: 159.
(¬5) الحديث (159).
(¬6) هود: 114.
(¬7) هود: 114.
(¬8) هذه الفائدة مقتبسة من تفسير الموطَّأ للبوني: 6/أ.
(¬9) أي قوله - صلّى الله عليه وسلم - في رواية البخاريّ (159، 164)، ومسلم (226).
(¬10) في الموطَّأ (65) رواية يحيى.