كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

واتّفق أيمَّةُ الأمصار على أنّها سُنَّة في الوضوء والجَنَابة يجزئان دونهما، والأفضل استعمالهما.
وقال أحمد وإسحاق بوجوبهما في الوضوء والجنابة.
وقال أبو ثور بوجوب الاستنشاق وحدَهُ.
وقال أبو حنيفة (¬1) بوجوبهما في الغسل من الجنابة دون الوضوء.
وقال القاضي أبو الوليد في كتاب "السِّراج في ترتيب الحِجَاج" (¬2): "المضمضة والاستنشاق في الطهارتين عندنا سُنَّتَانِ غير واجبتين" (¬3).
توصيل:
قوله في الحديث: "من غَرْفةٍ واحدةٍ" (¬4) وقال أيضًا فيه "ثلاثًا" (¬5) من ثلاثِ غرفاتٍ، ومن غرفة واحدة، كما تقدَّمَ (¬6).
قلنا: ذلك -والله أعلم- بحسب الحاجة إلى النّظافة، والزيادة على الحاصل فيها للاستكثار منها، وسيأتي بيانُه في موضعه إنّ شاء الله.
العُضْو الثّاني (¬7): وهو الوجه
¬__________
(¬1) انظر كتاب الأصل: 1/ 41، ومختصر الطحاوي: 18، ومختصر اختلاف العلماء: 1/ 135.
(¬2) من كتب الباجي المفقودة، وهو غير الكتاب المطبوع باسم "كتاب المنهاج في ترتيب الحِجاج".
(¬3) انظر الواضحة لابن حبيب: 161.
(¬4) أخرجه بهذا اللفظ ابن ماجه (403)، والنسائي في الكبرى (92)، وأبو يعلى (2672) من حديث ابن عبّاس.
(¬5) كما في حديث الموطَّأ (32) رواية يحيى.
(¬6) يقول المؤلِّف في العارضة: 1/ 47 "اختلف العلماء في صفة الجمع والتفريق على قولين: فمنهم من قال: في الجمع يغرف غرفة يتمضمض منها ويستنشق ثلاثًا. ومنهم من قال: يغرف ثلاث غرفات يجمع فيها بين المضمضة والاستنشاق. وأمّا اليدين، فمنهم ما قال: يغرف غرفة يتمضمض منها ثلاثًا، وأخرى يستنثق منها ثلاثًا. ومنهم من قال: ثلاث للمضمضة ومثلها للاستنشاق. والأقوى عندي غرفة واحدة لهما مرّة واحدة، وفي اليدين ثلاث لكل غسلة، وعليه يدلُّ ظاهر الأحاديث، والجمع أقوى في النّظر، وعليه يدلُّ الظاهر من الأثر".
(¬7) انظره في القبس: 1/ 119. 120.

الصفحة 12