القول الأوّل - أنّهما من الرّأس، قاله ابن المبارَك والثّوريّ (¬1).
القولُ الثّاني - قال الزّهريّ: هما من الوجه، وقاله الشّعبيّ والحسن (¬2) وقالا (¬3): ما أقبل منهما من الوجه، وما أدبر منهما من الرّأس، واختاره الطّبريّ (¬4).
واحتجّ من قال إنّهماذك لم يذكروهما.
تنقيح:
قلنا: أمّا حديث أبي أُمَامَة، فضعّفَه الدارقطني (¬5) والتّرمذي (¬6)، وقالا: إنّ الصّحيح فيه وَقفُه على أبي أُمَامَة، ولم يُسنِده إلَّا ضعيف.
وأما اعتقاد الصحابة، فقد ورد حديث ابن عبّاس (¬7) وغيره؛ بأنّ النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلم- مَسَحَهُمَا مُفرَدَين.
وأما من قال: إنّهما من الوجه، فاحتجَّ فيه بحديثٍ قال فيه النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: "سجدَ وَجهِيَ للّذي خَلَقَهُ وصوَّرَهُ وشَقَّ سَمعَهُ وبصرَهُ" (¬8) وهذا يردّه مسح النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - لهما، والمراد في هذا الحديث: سجدَت جُملتي ورأسي، وقد يكنى بالوجه عن الجملة، فكيف عن الرّأس، قال الله تبارك وتعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (¬9) قالوا في أحد التأويلات: إلَّا هو، أي ذاته.
¬__________
(¬1) حكاه عنهما الترمذي في جامعة: 1/ 87.
(¬2) هو الحسن بن صالح الهَمذَاني (ت. 169).
(¬3) وهو القول الثّالث كما في الأحكام.
(¬4) انظر تفسير الطّبريّ: 6/ 117 - 118 وقال المؤلِّف في الأحكام معلّقًا على هذا الرأي: "إنه تَحَكّمٌ لا تعضده لغة، ولا تشهد له شريعة".
(¬5) يقول الدارقطني في سننه: 1/ 103 "شهر بن حوشب ليس بالقوي، وقد وقفه سليمان بن حرب عن حماد، وهو ثقة ثبت". وقال في العلل: 7/ 250 "والصواب موقوت".
(¬6) يقول الترمذي جامعه (37) "هذا حديث ليس إسناده بذاك القائم".
(¬7) أخرجها النسائي في الكبرى (170).
(¬8) أخرجه ابن أبي شيبة (4372)، وأحمد: 6/ 30، وأبو داود (1414)، والترمذي (580)، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، والنسائي في الكبرى (714)، والحاكم:1/ 341.
(¬9) القصص: 88.