كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

الفائدة الثّالثة (¬1):
قول سعيد (¬2): "أَرَى أنّ يُومِيء بِرَأسِهِ إِيمَاءً".
اختلف علماؤنا في توجيه ذلك:
فقال ابن حبيب: إنّما ذلك ليدرأَ عن ثوبه الدَّم (¬3)، فكان ذلك من الأعذار الّتي تبيح الإيماء، كما يُبيح التَّيمُّم الزِّيادة في شراء الماء (¬4).
وقال محمد بن مَسلَمَة: إنّما. ذلك إذا كان الرَّعاف يضرُّ به في ركوعه وسجوده؛ كالرَّمَد ومَن لا يقدِر على السجود.
الفائدة الرّابعة:
قول عمر بن الخطّاب: "ولا حظَّ في الإِسلامِ لمن تركَ الصَّلاة".
اختلف العلماء في تأويل ذلك على ثلاثة أقوال:
1 - القول الأوّل (¬5): قال الخطّابي (¬6) الحظ: النَّصيب، يقال: لا نصيب له في الإسلام.
قال الإمام: وقول عمر هذا يحتمل وجهين:
أحدُهما: خروجه عن الإسلام بذلك.
والثّاني: أنّه يريد لا كبيرَ حظٍّ له في الإسلام، كما قيل: "لا صلاةَ لجارِ المسجدِ إلَّا في المسجدِ" (¬7) و"لا إِيمَانَ لمَن لا أمَانةَ لَهُ" (¬8) وكلام نحو هذا، وهو كلامٌ خرج على
¬__________
(¬1) هذه الفائدة مقتبسة من المنتقى: 1/ 86.
(¬2) في الموطَّأ (94) رواية يحيى.
(¬3) في المنتقى: " ... عن ثوبه الفساد بالإيماء له؛ لأنّه لو ذهب فتم ركوعه وسجوده لأفسد ثوبه الدَّم".
(¬4) الّذي في المنتقى: " ... الزيادة في ثمن الماء وتسقط فرض استعماله" وهي أسدّ.
(¬5) هذا القول مقتبس من الاستذكار:1/ 296 - 297 (ط. القاهرة).
(¬6) لم نجد هذا القول في المطبوع من كتب الإمام الخطابي، ونعتقد أنّ العبارة أصابها تصحيف بعض النُّساخ، ويتأكد هذا إذا علمنا أنّ الأصل المنقول عنه وهو الاستذكار فيه: "وأما قول عمر: لا حظّ في الإسلام، فالحظّ: النّصيب".
(¬7) أخرجه الدارقطني: 1/ 420، والحاكم: 1/ 246، والبيهقي: 3/ 57 من حديث أبي هريرة.
(¬8) أخرجه الطبراني في الكبير (7972) من حديث أبي أمامة.

الصفحة 166