كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

قال القاضي أبو الوليد (¬1): "اختلفت الآثار عن النّبيِّ صلّى الله عليه في إيجاب الوضوءِ من مسِّ الذَّكَر، فَرَوَى عنه الأمر بالوضوء من مسِّ الذَّكَرِ جماعةٌ، منهم: أبو هريرة (¬2)، وسعد بن أبي وقّاص (¬3)، وزيد بن خالد الجهني (¬4)، وأبو أيّوب الأنصاري، وابن عمر (¬5)، وجابر (¬6)، وبُسرَة (¬7)، بألفاظٍ مختلفة ومعانٍ متَّفقة، في بعضها: "مَنْ مسَّ ذَكَرَهُ فَليتوضَّأ"، و"مَنْ مسَّ فَرجَهُ فليتوضَّأ" و"مَنْ مسَّ ذكَرَهُ فلا يُصَلِّيَنَّ حتّى يتوضَّأْ وضوءَهُ للصّلاة"، و "مَنْ أفضَى بيده إلى فَرجِهِ ليس بينها وبينَهُ حجابٌ فقد وجبَ عليه الوضوء" (¬8)، و"وَيلٌ للَّذين يمُسُّونَ فُروجَهُم ثمَّ يصلُّونَ ولا يتوضَّأون (¬9) ".
وأما (¬10) حديث طَلق (¬11)، فلا يَصِحُّ عند العلماء، وأصحّها حديث بُسرَة.
غاية وإيضاح (¬12):
اختلفَ العلماءُ -رضوان الله عليهم- في تخريج هذه الأحاديث (¬13)، وفي المعمول منها. فذهبت طائفةٌ منهم إلى أنّ الأثرَ يُوجِبُ بالوضوء من مسِّ الذَّكَرِ جملة من غير تفصيل،
¬__________
(¬1) في المقدِّمات الممهدات: 1/ 100.
(¬2) رواه الدارقطني: 1/ 147.
(¬3) رواه عنه الحاكم: 1/ 138 (ط. الهند).
(¬4) رواه عنه أحمد: 5/ 194.
(¬5) رواه عنه أحمد: 2/ 223.
(¬6) رواه عنه ابن ماجه (480).
(¬7) رواه عنها أحمد: 6/ 406.
(¬8) أخرجه ابن حبان (1115) من حديث أبى هريرة، كما أخرجه الطبراني في الصغير كما في الروض الداني (110)، والبيهقي: 1/ 147، وانظر تلخيص الحبير: 1/ 126.
(¬9) أخرجه الدارقطني: 1/ 147، 148 من حديث عائشة. وضعّفه الدارقطني بعبد الرحمن العمري.
(¬10) هذا الحكم هو لابن العربي. وانظر العارضة: 1/ 116.
(¬11) وهو الّذي فيه عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلم-: "هل هو إلَّا بَضعَةٌ منك" أخرجه أحمد: 4/ 22، وأبو داود (182)، وابن ماجه (483)، والترمذي (85)، والنسائي: 1/ 101، والطبراني في الكبير (8233، 8234)، والدارقطني: 1/ 148)، والبيهقي: 1/ 134.
(¬12) ما تحت الغاية والإيضاح مقتبس من المقدِّمات الممهدات: 1/ 100 - 101.
(¬13) الّذي في المقدِّمات: "في تأويل هذه الأحاديث وتخريجها".

الصفحة 176