كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

نكتةٌ أصولية (¬1):
قال الإمام: اختلف علماؤنا من أهل الحجاز والعراق في مبلغ المُدِّ والصَّاعِ كم هو؟
فذهب أهلُ العراق (¬2) إلى أنَّ الصَّاع: ثمانية أرطال، والْمُدَّ: رِطْلانِ، واحتجّوا بما رواه أنس بن مالكٌ قال: "كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- يتوضأ برِطلَين، ويغتسل بالصَّاع" (¬3)، قالوا: فإذا ثبت أنّ المدَّ رِطلاَن ثبت أنّ الصَّاع ثمانية أرطال.
وذهب أهل المدينة إلى أنّ المُدَّ رُبُع الصَّاع وهو رطلٌ وثُلُث، والصّاع خمسة أرطال وثُلُث، وهو قول أبي يوسف (¬4)، وإليه رجع حينَ نَاظَرَهُ مالك في زِنَةِ الْمُدِّ وأتاه بمُدِّ المهاجرين والأنصار.
قال الإمام (¬5): وأما حديث أنس فلا حُجَّة لأهل العراق فيه؛ لأنّه قد روي بخلاف ما ذكروه، رواهُ شُعبة عن عبد الله بن جَبْر؛ أنّه سمع أنس بن مالكٌ يقول:"كانَ رسولُ الله -صلّى الله عليه وسلم- يتوضَّأ بالمَكُوكِ، ويغتَسِلُ بخَمسَةِ مَكَاكيَّ" (¬6)، وهذا بخلاف ما رواه أنس.
قال الإمام (5): المَكُوكُ عندهم: نصفُ رِطلٍ إلى ثمانية أَوَاقٍ.
تفريع (¬7):
واختلف العلماء هل يجزئ الوضوء بأقلّ من الْمُدِّ، والغُسل بأقلّ من الصاع، على قولين:
¬__________
(¬1) هذه النكتة مقتبسة من شرح البخاريّ لابن بطّال: 1/ 302.
(¬2) انظر كتاب الأصل: 1/ 24، ومختصر اختلاف العلماء: 1/ 134.
(¬3) أخرجه الدارقطني: 1/ 94، والبيهقي: 4/ 171.
(¬4) انظر مختصر الطحاوي: 19.
(¬5) الكلام موصول لابن بطّال.
(¬6) رواية شعبة أخرجها مسلم (325).
(¬7) هذا التفريع مقتبسٌ من شرح البخاريّ لابن بطّال: 1/ 302 - 303.

الصفحة 189