كتاب المسالك في شرح موطأ مالك (اسم الجزء: 2)

باب وُضُوء الْجُنُب إذا أراد أنْ ينام أو يَطْعَم
وَرَوَى ابن عمر؛ أنّ عمر بن الخطّاب ذَكَرَ لرسولِ الله - صلّى الله عليه وسلم - أَنَّهُ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ مِنَ اللَّيلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: "تَوَضَّأ، واغسِل ذَكَرَك، ثُمَّ نَمْ" (¬1).
قال الإمام الحافظ: هذا بَابٌ مشكل جدًّا، أُشكِلَ على العلماء قوله: "اغسِلْ ذَكَرَكَ، ثُم تَوَضَّأ، ثُمَّ نَم" كذا رواه الثوري (¬2) وشعبة، وقد رواه جماعة كذلك (¬3).
تنبيه على شرح:
قوله: "اغسِل ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأ" قال أشهب (¬4): قلتُ لمالك: فالوضوءُ قبل الغُسل غسلِ الذَّكَرِ! قال: قد يتقدّم الشّيءُ في اللَّفظِ وليس في الفعل.
وقيل: هذا يدلُّ على أنّ الواو لا تعطى رتبة عند جميع النُّحاة.
وقال الأبهريُّ: أمرَ النّبيُّ -صلّى الله عليه وسلم- بالوُضُوء عند النوم؛ لأنّه ربما كان الوضوء سببًا للغُسْلِ، وقد وقع في "الموطآت" (¬5): "توضَّأ، واغْسِل ذَكَرَك، ثُمَّ نَمْ" ومن رواية شُعْبَة: "اغسِل ذَكَرَكَ، ثم تَوَضَّأ، وَارقُد" وهذا هو الصّحيح، أمر بالغُسْل غسل الذَّكَر قبل الوضوء. وروى الشّعبي عن الأسود بن زيد عن عائشة قالت: كان رسول -صلّى الله عليه وسلم - ينام وهو جُنُب من غير أنّ يمسّ ماء (¬6). وذكر ابن أبي زيد (¬7) عن ابن حبيب (¬8) وجوب ذلك.
¬__________
(¬1) أخرجه مالكٌ في الموطَّأ (118) رواية يحيى.
(¬2) أسنده عن الثوري ابن عبد البرّ في التمهيد: 17/ 33.
(¬3) في غير الموطَّأ.
(¬4) قول أشهب مقتبس من تفسير الموطَّأ للبوني: 11/ أ.
(¬5) انظر موطَّأ محمد الحسن (55)، والقعنبي (70)، وابن بُكَيْر: 11/أ، وسويد (91)، والزهري (130).
(¬6) رواه الطيالسي (1397)، وأحمد: 6/ 43، وأبو داود (228)، وابن ماجه (581)، والترمذي (118).
(¬7) في النَّوادر والزيادات: 1/ 57.
(¬8) في الواضحة: 212.

الصفحة 203